الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  [3] سمـات العقيـدة العسكريـة الإسلاميـة:

                  انتصرنا بالعقيدة الإسلامية؛ لأن لها سمات معينة لا مثيل لها في العقائد العسكرية الأخرى.

                  إن الإسلام بتعاليمه السمحة الرضية جعل بحوافزه المادية والمعنوية المسلم الحق، مطيعا لا يعصي، صابرا لا يتخاذل، شجاعا لا يجبن، مقداما لا يتردد، مقبلا لا يفر، ثابتا لا يتزعزع، مجاهدا لا يتخلف، مؤمنا بمثل عليا، مضحيا من أجلها بالمال والروح، يخوض حربا عادلة لإحقاق الحق وإزهاق الباطل، ولتكون كلمة الله هـي العليا، مدافعا عن الأرض والعرض وحرية انتشار الدعوة وصيانتها، وعن المسلمين في دار الإسلام.

                  هذا المؤمن الحق، لا يخاف الموت ولا يخشى الفقر، ولا يهاب قوة الأرض، يسالم ولا يستسلم، ولا تضعف عزيمته الأراجيف والإشاعات، ولا يستكين للاستعمار الفكري ، ويقاوم الغزو الحضاري الذي يناقض دينه، ولا يقنط أبدا ولا ييأس من رحمة الله. [ ص: 58 ]

                  وهذا المؤمن الحق، يقظ أشد اليقظة، حذر أعظم ما يكون الحذر، يتأهب لعدوه ويعد العدة للقائه، ولا يستهين به، في السلم والحرب، ويجاهد بأمواله وروحه في سبيل الله.

                  وكل هـذه التوجيهات العسكرية مستمدة من القرآن الكريم، الذي حوت آياته المحكمة على ترسيخ العقيدة العسكرية الإسلامية في عقل المسلمين وقلوبهم بكل ما فيها من أسس وتفاصيل.

                  وهذه العقيدة العسكرية الإسلامية، تفسر سر الفتوح الإسلامية العظيمة التي امتدت خلال تسع وثمانين سنة (من سنة إحدى عشرة الهجرية إلى سنة مائة الهجرية) من الصين شرقا، إلى فرنسا غربا، ومن سيبيريا شمالا، إلى المحيط جنوبا.

                  ذلك لأن شعار المسلمين كان: ( قل هـل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ) (التوبة:52) : النصر أو الشهادة.

                  ولأن المسلمين كانوا يحرصون على الموت حرص غيرهم على الحياة: ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم ) (آل عمران: 173،174) .

                  وأشهد أنني لم أقرأ، حتى في كتب التعبية وسوق الجيش الفنية الصادرة حديثا، أوضح تعبيرا، وأدق تعريفا، وأكثر شمولا، وأوجز عبارة، مما جاء في القرآن الكريم في هـذه الآية الكريمة أسلوبا فذا لمصاولة الحرب النفسية المعادية، وتعريفا لإرادة القتال في العقيدة العسكرية الإسلامية. [ ص: 59 ]

                  بل لا يقتصر معناها على ذلك فحسب، بل يشمل تعريف: المعنويات العالية التي يجب أن يتحلى بها الجندي المسلم أيضا.

                  تلك هـي عظمة القرآن الكريم حتى في المجالات العسكرية، ولكن يا ليت قومي يعلمون.

                  ونعود لنتساءل: أهذه العقيدة العسكرية الإسلامية أفضل وأقوم وأمتن وأجدى... أم العقيدتان العسكريتان المستوردتان: الشرقية والغربية؟!!

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية