الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  [3] جمـع النصوص: [1]

                  إن أعلى النصوص قيمة وأكثرها أهمية، هـي المخطوطات التي وصلت إلينا حاملة عنوان الكتاب واسم مؤلفه، وجميع مادة الكتاب على آخر صورة دونها المؤلف بنفسه، أو يكون قد أشار بكتابتها أو أملاها أو أجازها، ويكون في النسخة ما يفيد اطلاعه عليها أو إقراره لها. [ ص: 85 ]

                  وأمثال هـذه النسخ تسمى: نسخة الأم.

                  وتلي نسخة الأم النسخة المأخوذة منها، ثم فرعها، ثم فرع فرعها، وهكذا.

                  وقد يخلو قسم من المخطوطات من بعض هـذه الحدود، فيكون ذلك مدعاة للتحقيق وموجبا للبحث الأمين، حتى يؤدى النص تأدية مقاربة.

                  وهذا الضرب من المخطوطات يعد أصولا ثانوية إن وجد معها الأصل الأول، وأما إذا عدم الأصل الأول، فإن أوثق هـذه المخطوطات يرتقي إلى مرتبة، ثم يليه ما هـو أقل منه وثوقا.

                  والنسخ المطبوعة التي فقدت أصولها أو تعذر الوصول إليها يمكن اعتبارها أصولا ثانوية في التحقيق إذا كان ناشرها يوثق به ويطمئن إليه، أما الطبعات التجارية فهي نسخ مهدرة، ومن الإخلال بأمانة العلم والأداء أن يعتمد عليها في التحقيق.

                  وأما المصورات من النسخ، فهي بمنزلة أصلها ما كانت الصورة واضحة تامة تؤدي أصلها كل الأداء، فمصورة النسخة الأولى هـي نسخة أولى، ومصورة النسخة الثانوية أيضا.

                  وهنا تعرض مشكلة المسودات والمبيضات، وهو اصطلاح قديم جدا ويراد بالمسودة: النسخة الأولى قبل أن يهذبها ويخرجها سوية، وأما المبيضة: فهي التي سويت وارتضاها المؤلف كتابا يخرج للناس.

                  ومسودة المؤلف إن ورد نص تاريخي على أنه لم يخرج غيرها، كانت هـي الأصل، وإن لم يرد نص كانت مرتبة النصوص الأولى، ما لم تعارضها المبيضة، فإنها تكون في مرتبة النصوص الأولى؛ لأن مبيضة [ ص: 86 ] المؤلف هـي الأصل الأول، وإذا وجدت معها مسودة كانت أصلا ثانويا لتصحيح القراءة فحسب.

                  على أن وجود نسخة للمؤلف لا يدلنا دلالة قاطعة على أن هـذه النسخة هـي النسخة عينها التي اعتمدها المؤلف؛ لأن قسما من المؤلفين يؤلف كتابه أكثر من مرة، لهذا فإن نسخة المؤلف قد تتكرر، ولا يمكن القطع بها ما لم ينص هـو عليها.

                  وضح مما سبق أن منازل النسخ هـي: نسخة المؤلف، ثم النسخة المنقولة منها، ثم فرعها وفرع فرعها، وهكذا.

                  ومن البديهي أنه لا يمكن بوجه قاطع أن نعثر على جميع المخطوطات التي تخص كتابا واحدا إلا على وجه تقريبي، فمهما يجهد المحقق نفسه للحصول على أكبر مجموعة من المخطوطات، فإنه سيجد وراءه معقبا يستطيع أن يظهر نسخا أخرى من المخطوطات، وحسب المحقق أن يبذل قصارى جهده في العثور على أكبر عدد من المخطوطات لكتابه الذي يزمع تحقيقه، والكمال لله وحده.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية