الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  الفصل الثالث

                  القادة العسكريون العرب والمسلمون وكتابة تاريخهم

                  [1] طبقات القادة:

                  (أ) الطبقة الأولى من قادة العرب والمسلمين، هـم قادة النبي صلى الله عليه وسلم ، الذين قادوا سراياه، أو قادوا تشكيلاته التعبوية في غزواته.

                  وقادة سراياه، هـم الذين قادوا إحدى سراياه، لتحقيق واجب معين في وقت معين، وكان تعداد سراياه سبعا وأربعين سرية.

                  والتشكيلات التعبوية في غزواته، هـي المقدمات والمؤخرات [ ص: 65 ] والمجنبات التي كان يتخذها لحماية جيشه في مرحلة مسير الاقتراب، وقادة المفارز الاستطلاعية، وقادة أصحابه كالمهاجرين والأنصار والقبائل، وقادة أرتاله المكلفة بواجب خاص، كالأرتال التي دخلت مكة المكرمة في غزوة الفتح .

                  وقادة النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة الكرام خريجو مدرسته القيادية، وكلهم من العرب المسلمين.

                  (ب) والطبقة الثانية: من قادة العرب والمسلمين، هـم قادة الفتح الإسلامي، وقادة إعادة الفتح الإسلامي بالنسبة للبلاد التي سبق فتحها ثم انتقضت، فأعاد المسلمون فتحها من جديد.

                  وقد بدأ الفتح الإسلامي سنة إحدى عشرة الهجرية (632م) ، وانتهى سنة مائة الهجرية (718م) ، وكان مد الفتح الإسلامي عاليا على عهد أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، وحتى سنة إحدى وثلاثين الهجرية (651م) من عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه ، ثم أصبح الفتح الإسلامي فتحا جديدا واستعادة للفتح من سنة إحدى وثلاثين الهجرية إلى سنة مائة الهجرية، وذلك بعد عودة الوحدة إلى صفوف المسلمين.

                  وأكثر قادة الفتح من الصحابة، وأقلهم من التابعين، وجميعهم من العرب المسلمين عدا طارق بن زياد فاتح الأندلس الذي كان من البربر المسلمين.

                  ويمكن إضافة أسد بن الفرات فاتح صقلية ، ومحمد الفاتح فاتح القسطنطينية إلى طبقة قادة الفتح، كما يمكن إضافة صلاح الدين الأيوبي إلى طبقة قادة إعادة الفتح.

                  (ج) الطبقة الثالثة من قادة العرب والمسلمين، هـم قادة الدفاع عن [ ص: 66 ] البلاد الإسلامية الذين استطاعوا صد العدوان الخارجي، واستطاعوا القضاء على الفتن الداخلية، وهم القادة الذين جاءوا بعد سنة مائة الهجرية وانتهوا بسقوط بغداد عاصمة العباسيين على أيدي التتار سنة ست وخمسين وستمائة الهجرية (1258م) .

                  وقد استطاع السلطان قطز سنة ثمان وخمسين وستمائة الهجرية (1260م) صد التتار في معركة ( عين جالوت ) على أرض فلسطين وانتصر عليهم، فهو من قادة الدفاع عن البلاد الإسلامية أيضا.

                  (د) والتوقيت الذي ذكرته بالنسبة لقادة الفتح الإسلامي وقادة استعادة الفتح الإسلامي، وقادة الدفاع عن البلاد الإسلامية، توقيت يصدق على الأغلبية العظمى من القادة في تصنيفهم إلى طبقات، أما القلة القليلة من القادة الفاتحين أو مستعيدي الفتح أو المدافعين، فيمكن إضافة كل قائد إلى طبقة مع الإشارة إلى تاريخ فتحه أو استعادته الفتح أو انتصاره في المعارك الدفاعية.

                  لقد فتح قسم من القادة أجزاء من أوروبا في أيام الدولة العثمانية، فهم بدون شك من قادة الفتح.

                  واستطاع قسم من القادة استعادة بلاد إسلامية احتلها أعداء المسلمين في عهد الدولة العباسية، وفي الحروب الصليبية خاصة، فهم بلا مراء من قادة استعادة الفتح.

                  واستطاع قسم من القادة الدفاع بنجاح عن بلاد المسلمين في عهد العباسيين وملوك الطوائف، وفي أيام الحروب الصليبية الخاصة، فهم بلا ريب من قادة الدفاع عن بلاد المسلمين.

                  ولكن أعداد أولئك القادة المنتصرين قليلة، بالمقارنة بأعدادهم الضخمة التي وردت في توقيت تصنيف طبقاتهم، فلا ينبغي إغفال كتابة [ ص: 67 ] تاريخهم تقديرا لجهادهم وجهودهم، وهم يستحقون أعظم التقدير وأصدق الوفاء.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية