الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  العسكرية العربية الإسلامية

                  اللواء الركن / محمود شيت خطاب

                  [6] اللغـة العسـكرية العربية:

                  والقسم السادس من العسكرية الإسلامية: هـي اللغة العسكرية العربية في البلاد العربية، واللغات الإسلامية الأخرى في البلاد الإسلامية.

                  وكانت اللغة العسكرية سليمة في البلاد العربية حتى سقوط بغداد في أيدي التتار سنة ست وخمسين وستمائة الهجرية (1258م) ، فانهارت الدولة العباسية، وتغلبت لغات العنصر غير العربي على البلاد العربية، فطعموا اللغة العربية العسكرية باللغات الأجنبية: الفارسية، والتركية، على الغالب الأعم.

                  وكان من نتائج الحكم العثماني للبلاد العربية أن اللغة التركية [ ص: 25 ] أصبحت لغة التعليم، فسادت المصطلحات العسكرية التركية على المصطلحات العسكرية العربية، وأصبح العسكريون العرب يتلقون تدريبهم العسكري وتعليمهم باللغة التركية، ويتعلمون في المدارس العسكرية التركية، ويعملون في الجيش التركي.

                  وفي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين الميلاديين ابتليت البلاد العربية بالاستعمار الفرنسي والإيطالي والبريطاني، فبدأ مد المصطلحات العسكرية الغربية يطغى على العسكريين العرب، وأصبحت اللغة العسكرية العربية مطعمة بالمصطلحات العسكرية التركية، وبالمصطلحات العسكرية الفرنسية في سورية ولبنان وتونس والجزائر والمغرب ، وبالمصطلحات العسكرية البريطانية في العراق ومصر والسودان والأردن وفلسطين وإمارات الخليج العربي واليمن الجنوبي ، وبالمصطلحات العسكرية الإيطالية في ليبيا .

                  وجرت محاولات تطهير المصطلحات العسكرية العربية من المصطلحات العسكرية الأجنبية، كما جرت محاولات توحيد المصطلحات العسكرية العربية، وأخيرا تكللت تلك المحاولات بالتوفيق بصدور المعجمات العسكرية الأربعة في سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة وألف للهجرة (1973م) ، فلا عذر للدولة العربية التي لا تلتزم بهذه المعجمات العسكرية الموحدة الأربعة، إلا إذا فضلت المصطلحات العسكرية الدخيلة على المصطلحات العسكرية الأصيلة، وفضلت لغة المستعمر على لغة القرآن الكريم، وفضلت التفرقة على التوحيد. [ ص: 26 ]

                  وبالرغم من صدور المعجمات العسكرية الموحدة الأربعة منذ بضع سنين خلت إلا أن قسما من الدول العربية لم يلتزم بها حتى اليوم، مع أن لجنة توحيد المصطلحات للجيوش العربية التي أعدت هـذه المعجمات الموحدة، كانت مؤلفة من ضابط من كل جيش عربي، وعضو من مجمع اللغة العربية بالقاهرة، وضابط من القيادة العربية الموحدة، عملت بموافقة الدول العربية كافة في كنف جامعة الدول العربية.

                  وهنا ألمح بالدول العربية التي لم تلتزم بالمعجمات العسكرية الموحدة، وغدا أصرح بأسمائها علنا، تاركا حسابها في جفاء لغة القرآن الكريم على شعوبها والتاريخ الذي لا يرحم.

                  وما يقال عن اللغة العسكرية العربية، يقال في سائر لغات المسلمين، فينبغي تطهير المصطلحات العسكرية العربية الإسلامية من المصطلحات العسكرية الدخيلة؛ لأنها مظهر من بقايا الاستعمار، تؤثر في المعنويات فتنهار، وتزعزع الثقة بكفاية اللغة العربية دون مسوغ.

                  وقد طهرت معظم الدول العربية مصطلحاتها العسكرية من المصطلحات العسكرية الأجنبية الدخيلة ووحدتها، وهذا يبشر بالخير العظيم.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية