الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  [4] إخفاق المحاولات والمعجمات:

                  (أ) بذلت جهود كثيرة لتوحيد المصطلحات العسكرية للجيوش العربية، ولكن تلك المحاولات باءت كلها بالإخفاق الذريع. [ ص: 115 ]

                  فقد عقدت اجتماعات عديدة بين لجان عسكرية من الجيشين الشقيقين المصري والعراقي في أكثر من محاولة لتوحيد المصطلحات العسكرية في الجيشين الشقيقين، وكان آخر اجتماع لممثلي هـذين الجيشين سنة خمس وثمانين وثلاثمائة وألف الهجرية (1965م) ، أثمر عن المعجم العسكري الموحد، ولكن جيوش الدول العربية وجيش مصر لم تلتزم به.

                  وعقدت اجتماعات بين لجان عسكرية في جيشي الإقليمين السوري والمصري من سنة تسع وسبعين وثلاثمائة وألف الهجرية (1959م) إلى سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة وألف الهجرية (1961م) إبان الوحدة بين مصر وسورية ، فكان من ثمراتها صدور المعجم العسكري السوري، ولكن جيوش الدول العربية ومنه جيش مصر لم تلتزم بها أيضا.

                  وحاولت اللجنة العسكرية الدائمة في جامعة الدول العربية سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة وألف الهجرية (1953م) توحيدها، ولكنها عجزت عن ذلك.

                  وحاولت تلك اللجنة العسكرية الدائمة بطلب من أمين جامعة الدول العربية أكثر من مرة توحيد المصطلحات العسكرية للجيوش العربية وإصدار معجم عسكري موحد، ولكنها لم تنجح في محاولاتها.

                  وحاولت القيادة العربية الموحدة توحيد الحد الأدنى من المصطلحات العسكرية للجيوش العربية، فأصدرت نشرتها سنة خمس وثمانين وثلاثمائة وألف الهجرية (1965م) ، ولكن جيوش الدول العربية لم تلتزم حتى بهذه النشرة التي توحد الحد الأدنى من المصطلحات العسكرية لهذه الجيوش العربية!

                  وهكذا أخفقت كل تلك المحاولات التي بذلت لتوحيد المصطلحات العسكرية العربية، والتي بدأت من سنة ثمان وستين وثلاثمائة وألف [ ص: 116 ] الهجرية (1948م) في ظل جامعة الدول العربية، وانتهت في سنة خمس وثمانين وثلاثمائة وألف الهجرية (1965م) في ظل القيادة العربية الموحدة.

                  (ب) كما أخفقت معظم المعجمات العسكرية العربية التي أصدرتها الجيوش العربية في أداء رسالتها بإقرار المصطلحات العسكرية العربية التي لا تشوبها شائبة العجمة داخل جيوشها وتوحيد المصطلحات العسكرية في جيوش الوطن العربي.

                  وكان تعدد المعجمات العسكرية ومحاولة كل جيش عربي لا يملك معجما عسكريا أن يكون له معجم عسكري خاص به، عاملا من عوامل تناقض المصطلحات في الجيوش العربية.

                  فقد كان المفروض أن يقتبس واضعو المعجمات العسكرية الجديدة المصطلحات العسكرية العربية القديمة التي أقرتها الجيوش العربية من قبل، ما كان عربية سليمة لا غبار عليها، ولكن هـؤلاء في أغلب الأحيان وقفوا موقف الناقد لتلك المصطلحات العسكرية القديمة بالحق أو بالباطل، واجتهدوا أن يضعوا بأنفسهم مصطلحات عسكرية جديدة، حتى ولو كانت المصطلحات العسكرية القديمة باعتراف هـؤلاء المجتهدين الجدد، متينة في بناها رصينة في معناها.

                  وأسباب إخفاق المعجمات العسكرية العربية في أداء رسالتها كثيرة.

                  من هـذه الأسباب: اقتصار وضع المصطلحات العسكرية العربية على العسكريين من الضباط وحدهم في قسم من الجيوش العربية، مما أدى إلى أن تكون تلك المصطلحات العسكرية العربية ضعيفة من الناحية اللغوية.

                  ومنها: تأليف لجان في قسم من الجيوش العربية يغلب عليها طابع [ ص: 117 ] علماء اللغة، مما أدى إلى أن تكون المصطلحات ضعيفة من الناحية العسكرية، فيها كثير من المفردات الأدبية والألفاظ العربية الصعبة التي عفى عليها الدهر وأصبحت قليلة الاستعمال.

                  ثم أيضا من هـذه الأسباب: اقتصار اللجان على ممثلي جيشين عربيين، مما أدى إلى عدم التزام الدول العربية الأخرى التي لم تشارك في إعداد المعجم العسكري به.

                  ويضاف إليها: إغفال تمثيل القيادة العربية الموحدة في لجان توحيد المصطلحات العسكرية بين جيشين عربيين، مما أدى إلى إعطاء تلك المصطلحات العسكرية العربية صفة محلية ضيقة وحرمانها من الصفة العربية الشاملة.

                  ثم كذلك: إغفال إشراف جامعة الدول العربية على لجان توحيد المصطلحات العسكرية العربية، مما أدى إلى حرمانها من الصفة العربية الشاملة عليها أيضا.

                  ومنها أيضا: إغفال تمثيل المجامع اللغوية في لجان توحيد المصطلحات العسكرية العربية، مما حرمها من القوة اللغوية التي يمكن أن تضفيها المجامع اللغوية على المعجمات العسكرية العربية.

                  كما أن ترك وضع المصطلحات العربية لكل من هـب ودب، يزيد المصطلحات العربية تناقضا واختلافا.

                  لذلك كان لا بد من اتخاذ تدابير جديدة أخرى، تضع الأمور في نصابها. [ ص: 118 ]

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية