الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  [2] غزارة التراث العسكري:

                  إن التراث العسكري العربي الإسلامي، يعمر مكتبات أوروبا ومتاحفها، ويتيسر في مكتبات العالم كافة ومتاحفها، وتزخر به مكتبات المخطوطات العربية في شتى أصقاع العالم، ويحوي معهد المخطوطات التابع لجامعة الدول العربية على جزء مهم من هـذا التراث العريق.

                  وحسبنا أن نتصفح كتاب: (فهرست ابن النديم) الذي عدد فيه مؤلفه: " الكتب المؤلفة في الفروسية وحمل السلاح وآلات الحرب والتدبير والعمل بذلك لجميع الأمم " ، لنتلمس بوضوح أي تراث عسكري أصيل كان للعرب والمسلمين منذ عدة قرون.

                  ومن مقارنة ما جاء في: " فهرست ابن النديم " عن الكتب التي اطلع عليها في عصره وسجلها في كتابه، بالمؤلفات العربية الإسلامية المعروفة [ ص: 83 ] في الوقت الحاضر، يتبين لنا أن كثيرا من التراث العسكري العربي الإسلامي لا يزال مفقودا.

                  ولكن ما وصل إلينا من المخطوطات العربية، يدل على أن العرب المسلمين بلغوا شأوا بعيدا في العلوم والفنون العسكرية، وأنهم لم يقتصروا على علوم الدين والفلسفة والعلوم العقلية والنقلية والتاريخ والأدب، بل كان لهم في العلوم العسكرية باع طويل وقدم راسخة.

                  وهذا التراث قسمـان:

                  القسم الأول: ألفه العرب والمسلمون.

                  والقسم الثاني: نقلوه عن الأمم الأخرى، كالفرس والروم والهنود، حسب أسبقية ذكرها في كمية النقل.

                  والتراث العسكري العربي الإسلامي بالنسبة لكتبه عدة أنواع: كتب للتدريب على الرمي، وكتب للتدريب على الفروسية، وكتب في صفات الأسلحة والتدريب عليها وأساليب استعمالها، وكتب في الأسلحة الهجومية ككتاب الدبابات والمنجنيقات والحيل والمكايد، وكتب للتدريب التعبوي، ككتاب أدب الحروب، وفتح الحصون والمدائن، وتربيص الكمين، وتوجيه الجواسيس والطلائع والسرايا، ووضع المسالح، وكتب عسكرية عامة تشمل التدريب على الأسلحة، وعلى القضايا التعبوية، ككتاب " الحيل " للهرثمي الشعراني الذي ألفه للمأمون الخليفة العباسي وحقق ونشر جزء منه (ابن النديم: 314 - 315) .

                  وهناك تراث عسكري عربي إسلامي في البيطرة، وعلاج الدواب وصفات الخيل واختيارها (ابن النديم: 315) ، وقد كان للخيل أثر عظيم [ ص: 84 ] في الحروب القديمة، لذلك ألف العرب المسلمون كثيرا من الكتب في الخيل وعلاجها وصفاتها ومزاياها والتدريب عليها وتدريبها، ككتاب: " فضل الخيل " الذي صنعه الشيخ عبد المؤمن الدمياطي المتوفى سنة (705هـ) ، وكتاب: " رشحات المداد فيما يتعلق بالصافنات الجياد " للشيخ محمد البخشي الحلبي المتوفى سنة (1908 م) (طبعا في المطبعة العلمية بحلب - 1349هـ) .

                  تلك لمحات عن كتب التراث العسكري العربي الإسلامي، تدل على أنها تغطي أنواع التدريب والتعليم في القوات المسلحة، ولا تغفل أنواع الأسلحة وآليتها وأسلوب استعمالها، وأنواع الدواب وعلى رأسها الخيل ومداواة الدواب وإدارتها وتدريبها والتدريب على الفروسية.

                  وهذه ثروة ضخمة من الثقافة العسكرية لا ينبغي التفريط بها وإهمالها.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية