الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال: أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار، قال: حدثنا ابن أبي قماش وهو محمد بن عيسى، قال: حدثنا موسى بن إسماعيل أبو عمران الجبلي، قال: حدثنا معن بن عيسى القزاز، عن الحارث بن عبد الملك بن عبد الله بن إياس الليثي، عن القاسم بن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن أبيه، عن عطاء، عن ابن عباس، عن الفضل بن عباس قال: أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يوعك وعكا شديدا، قد عصب رأسه فقال: "خذ بيدي يا فضل" قال: فأخذت بيده، حتى قعد على المنبر ثم قال: " ناد في الناس يا فضل , فناديت: الصلاة جامعة قال: "فاجتمعوا" ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فقال: " أما بعد.

                                        أيها الناس، إنه قد دنا مني حقوق من بين أظهركم، ولن تروني في هذا المقام فيكم، وقد كنت أرى أن غيره غير مغن عني حتى أقومه فيكم، ألا فمن كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستعد، ومن كنت أخذت له مالا فهذا مالي فليأخذ منه، ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستعد، ولا يقولن قائل: أخاف الشحناء من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا وإن الشحناء ليست من شأني، ولا من خلقي.

                                        وإن من أحبكم إلي من أخذ حقا، إن كان له علي، وحللني، فلقيت الله عز وجل وليس لأحد عندي مظلمة " [ ص: 180 ] قال: فقام رجل فقال: يا رسول الله لي عندك ثلاثة دراهم.

                                        فقال "أما أنا فلا أكذب قائلا , ولا مستحلفه على يمين , فيم كانت لك عندي؟" قال: أما تذكر أنه مر بك سائل فأمرتني، فأعطيته ثلاثة دراهم قال: "أعطه يا فضل" قال: فأمرته فجلس ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقالته الأولى، ثم قال: "أيها الناس من كان عنده من الغلول شيء فليرده" فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله، عندي ثلاثة دراهم غللتها في سبيل الله قال "ولم غللتها؟" قال: كنت إليها محتاجا فقال: "خذها منه يا فضل" ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقالته الأولى وقال: "يا أيها الناس من أحس من نفسه شيئا فليقم، أدعو الله عز ذكره له" قال: فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله إني لمنافق وإني لكذوب، وإني لنؤوم قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ويحك أيها الرجل، لقد سترك الله تعالى لو سترت على نفسك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مه يا ابن الخطاب، فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة، اللهم ارزقه صدقا وإيمانا، وأذهب عنه النوم إذا شاء، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عمر معي، وأنا مع عمر، والحق بعدي مع عمر".


                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية