الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفقيه قال: أخبرنا شافع بن محمد , حدثنا أبو جعفر بن سلامة المزني، قال: حدثنا الشافعي، عن القاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن رجالا من قريش دخلوا على أبيه علي بن الحسين فقال: ألا أحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: بلى، فحدثنا عن أبي القاسم قال: لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل فقال يا محمد إن الله أرسلني إليك تكريما لك، وتشريفا لك، وخاصة لك، أسألك عما هو أعلم به منك.

                                        يقول: كيف تجدك؟ قال: "أجدني يا جبريل مغموما، وأجدني يا جبريل مكروبا" ثم جاءه اليوم الثاني، وقال له: ذلك، فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم كما رد أول يوم، ثم جاءه اليوم [ ص: 268 ] الثالث فقال له: كما قال أول يوم، ورد عليه كما رد.

                                        وجاء معه ملك، يقال له إسماعيل على مائة ألف، كل ملك على مائة ألف ملك، استأذن عليه، فسأل عنه، ثم قال جبريل: هذا ملك الموت يستأذن عليك، ما استأذن على آدمي قبلك، ولا يستأذن على آدمي بعدك فقال عليه السلام: "ائذن له، فأذن له" ، فسلم عليه ثم قال: يا محمد، إن الله أرسلني إليك، فإن أمرتني أن أقبض روحك قبضته، وإن أمرتني أن أتركه تركته فقال: "أوتفعل يا ملك الموت؟" قال: نعم بذلك أمرت، وأمرت أن أطيعك.

                                        فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبريل فقال له جبريل: يا محمد إن الله اشتاق إلى لقائك.

                                        فقال النبي صلى الله عليه وسلم لملك الموت: "امض لما أمرت به" ، فقبض روحه،
                                        فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءت التعزية، سمعوا صوتا من ناحية البيت، السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، إن في الله عزاء من كل مصيبة، وخلفا من كل هالك، ودركا من كل فائت، فبالله فثقوا، وإياه فارجوا فإنما المصاب من حرم الثواب، فقال علي رضي الله عنه: أتدرون من هذا؟ هذا الخضر عليه السلام لقد روينا هذا في الخبر الذي قبله بإسناد آخر، والمراد بقوله: إن الله اشتاق إلى لقائك، أي أراد ردك من دنياك إلى آخرتك ليزيد في كرامتك، ونعمتك وقربتك.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية