الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 5689 ] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، ومحمد بن موسى ، قالا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا يحيى بن أبي طالب ، أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء ، أخبرنا عبد الله بن عون ، عن الحسن قال : دخلنا على عبد الله بن عمر وهو بالبطحاء ، فقلنا : يا أبا عبد الرحمن إن ثيابنا هذه قد خالطها الحرير وهو قليل قال : اتركوا قليله وكثيره .

قال الحليمي رحمه الله : وروي عن إبراهيم أنه قال : كانوا يكرهون ما سداه [ ص: 198 ] خز ، ولحمته إبريسم أو سداه إبريسم ولحمته خز ، وهذا صحيح لأن الثوب لا يكون لباسا إلا بالسدى واللحمة معا ، فلا يفرق من فرق بينهما ، فأجاز اللبس إذا كانت اللحمة [ غير إبريسم والسدى إبريسما ولم يجز إذا كانت اللحمة ] إبريسما ، والسدى غير إبريسم ، وهما معا ركنان للثوب ، لا يكون الثوب ثوبا ولا اللباس لباسا إلا بهما . قال : ويدل على صحة هذا ما روي عن علي رضي الله عنه قال : أهدي للنبي صلى الله عليه وسلم حلة سداها حرير ولحمتها مسيرة ،

فأرسل بها إلي فقلت : يا رسول الله ما أصنع بها ، ألبسها ؟ قال : " لا ، إني لا أرضى لك ما لا أرضى لنفسي ، اجعلها خمرا بين فاطمة أمك وفاطمة ابنتي " .


قال : مسير هو من السيراء برود اليمن ، قال : وإنما العفو من هذا العلم في هذا الثوب .

يروي عن عائشة رضي الله عنها قالت : كانت لنا قطيفة كنا نقول : إن علمها حرير فما نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبسها قط .

وعن عمر رضي الله عنه قال : البسوا من الحرير قدر أصبعين أو ثلاثا أو أربعا . وهذا - والله أعلم - توقيت لعلمين يكونان على كمين كل واحد منهما بقدر أصبعين فيكون جماعهما قدر أربع أصابع . [ وذلك هو المراد بما يروى عنه أنه قال : أو مثل الكف فيهما أربع أصابع ] . والمعنى أن يكون على الكمين ما إذا جمع يجاوز قدر الكف ، وكذلك إن كان الثوب من كتان فخيط بالإبريسم لم يحرم .

قال الإمام أحمد : هذا الذي قاله الحليمي في الأعلام صحيح ، وقد ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيره موقوفا ومرفوعا ما دل على إباحتها .

وأما الموقوف .

[ ص: 199 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية