الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 5961 ] أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ، أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه ، [ ص: 376 ] حدثنا يعقوب بن سفيان ، حدثنا سعيد بن أبي مريم ، وأبو الأسود ، وأبو زيد ، ويزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب ، قالوا أخبرنا المفضل بن فضالة ، حدثني عياش بن عباس ، عن أبي الحصين الهيثم بن شفي سمعه يقول : خرجت أنا وأبو عامر المعافري لنصلي بإيلياء ، وكان قاصهم رجلا من الأزد يقال له أبو ريحانة من الصحابة قال أبو الحصين : فسبقني صاحبي إلى المسجد ثم أدركته فجلست إلى ناحيته ، فسألني هل أدركت قصص أبي ريحانة ؟ فقلت له : لا فقال : سمعته يقول : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عشر : الوشر ، والوشم ، والنتف ، وعن مكامعة الرجل الرجل بغير شعار ، [ ص: 377 ] ومكامعة المرأة المرأة بغير شعار ، وأن يجعل الرجل أسفل ثيابه حريرا مثل الأعاجم ، أو يجعل على منكبيه حريرا مثل الأعاجم ، وعن النهبى ، وركوب النمور ، ولبوس الخاتم إلا لذي سلطان .

قال الحليمي رحمه الله : ولعل النهي يعني أن يجعل أسفل ثيابه أو على منكبيه حريرا إذا أكثر الحرير وصار المقصود من ذلك الثوب ما فيه من الحرير ، وأما جلد النمر فإنما حرمه لشعره ، فإن شعر الميتة نجس ، والدباغ إنما يكون للجلد فلا يطهر غيره وأما الخاتم لغير ذي سلطان فيحتمل أن يكون المراد به ذا السلطان ، ومن في معناه ؛ لأن السلطان يحتاج إلى الخاتم ليختم به كتبه ، ويختم به على أموال العامة ، والطينة التي ينفذها إلى الذين يستعدي عليهم ، فكل من كانت بينه وبين الناس معاملات يحتاج لأجلها إلى المكاتبة ، وعنده من ماله أو من مال غيره ما يحتاج إلى الختم عليه للمبالغة في حفظه ، فهو في معنى السلطان ، وله إمساك الخاتم ، فأما من لا يمسك الخاتم إلا للتحلي به دون غرض آخر يكون له ، فهذا الحديث أوجب أن يكون ذلك من الفعل الذي يدخله معنى الخيلاء فينهى عنه والله أعلم .

قال الشيخ : " ويحتمل أن يكون النهي عن لبوس الخاتم إلا لذي سلطان تنزيها وقد ذكر الحليمي معناه .

قال الحليمي رحمه الله : ولا ينبغي لأحد أن يحلي لجام فرسه بذهب ، ولا فضة ، وذلك مخالف لأن يتختم بالفضة ، أو يحلي سيفه أو منطقته بفضة فيجوز لأنه إنما جعل له من حلية الفضة في سيفه ، ومنطقته ما قل ، ولم يدخل في حد السرف ، ونفس مجاوزة ذلك إلى حلية الدابة سرف ؛ لأن الدابة حاملته فلا تكون حليتها حلية له ، وهو يحمل مصحفه ، وسيفه ، ومنطقته ، فكانت حليتها حلية له كالخاتم ، وقد ذكرنا ما ورد في معناه في " كتاب السنن " .

[ ص: 378 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية