قوله ( وإن ظهر فيه عين ماء ، أو معدن جار ، أو كلأ ، أو شجر ، فهو أحق به . وهل يملكه  ؟ على روايتين ) . إذا ظهر فيه عين ماء فهو أحق بها ، وهل يملكه ؟ أطلق  المصنف  فيه روايتين وأطلقهما في المذهب ، ومسبوك الذهب . 
إحداهما : لا يملك . وهو الصحيح من المذهب . صححه في المغني ، والشرح ، والتصحيح ، وغيرهم . هذه عند  المصنف  ، وكثير من الأصحاب : أصح . قال في الهداية :  وعنه  في الماء والكلأ لا يملك . وهو اختيار عامة أصحابنا . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في المحرر ، والفروع ، وغيرهما . 
والرواية الثانية : يملك . قدمه في الهداية ، والمستوعب ، والخلاصة . واختاره أبو بكر عبد العزيز    . قال الحارثي    : وهو الحق . قال في القواعد : وأكثر النصوص تدل على الملك وإذا ظهر فيه معدن جار فهو أحق به . وهل يملك بذلك ؟ فيه الروايتان . قال الحارثي    : مأخوذتان من روايتي ملك الماء . ولهذا صححوا عدم الملك هنا لأنهم صححوه هناك . انتهى . وهذا المذهب أعني عدم ملكه بذلك وصححه من صححه في عدم الملك . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في الفروع ، والمحرر ، وغيرهما .  وعنه    : يملك . قال الحارثي    : وهو الصحيح . وجزم به في الهداية ، والمستوعب ، والخلاصة ، وغيرهم .  [ ص: 365 ] قال الحارثي    : وهذا المنصوص . فيكون المذهب . وإن ظهر كلأ أو شجر فهو أحق به ، وهل يملكه ؟ أطلق  المصنف  فيه روايتين . وأطلقهما في المذهب . 
إحداهما : لا يملك . وهو المذهب . نص عليه في رواية إسحاق بن إبراهيم    . قال في الهداية : عليه عامة أصحابنا . قال الحارثي    : وهذا أصح عند الأصحاب . منهم  المصنف  ، والشارح    . قاله في البيع من كتابه الكبير . ولم يورد أبو الفرج الشيرازي  سواه . وصححه في الشرح ، والتصحيح ، وغيرهما . وجزم به في الوجيز وغيره . وقدمه في الفروع . والمحرر ، وغيرهما . 
والرواية الثانية : 
يملكه . قدمه في الهداية ، والمستوعب ، والخلاصة . قوله ( وما فضل من مائه : لزمه بذله لبهائم غيره ) هذا الصحيح . لكن بشرط أن لا تجد البهائم ماء مباحا ولم يتضرر بذلك . وهو من مفردات المذهب . واعتبر  القاضي  ،  وابن عقيل  ، وصاحب المستوعب ، والتلخيص ، والرعاية ، وجماعة : اتصاله بالمرعى . وظاهر كلام  المصنف  هنا ،  وأبي الخطاب  ، والمحرر ، وغيرهم : عدم اشتراط ذلك . وقدمه في الفروع . وهو المذهب . وبذلك ما فضل من مائه لزوما من مفردات المذهب . قوله ( وهل يلزمه بذله لزرع غيره ؟ على روايتين ) . وأطلقهما في المذهب ، والخلاصة ، والمحرر ، والشرح . 
إحداهما : يلزمه . وهو المذهب .  [ ص: 366 ] قال في الفروع : يلزمه على الأصح . لكن قال الإمام  أحمد  رحمه الله : إلا أن يؤذيه بالدخول ، أو له فيه ماء السماء ، فيخاف عطشا . فلا بأس أن يمنعه . وقدمه في الهداية . والمستوعب . قال الحارثي    : هذا الصحيح ، واختيار أكثر الأصحاب . منهم  أبو الخطاب  ، والقاضي أبو الحسين  ، والشيرازي  ، والشريفان أبو جعفر  ، والزيدي  وهو من مفردات المذهب . قال الإمام  أحمد    : ليس له أن يمنع فضل ماء يمنع به الكلأ . للخبر . قال في القاعدة التاسعة والتسعين : هذا الصحيح . 
والرواية الثانية : لا يلزمه . صححه في التصحيح ،  والقاضي  في الأحكام السلطانية ،  وابن عقيل    . قال الحارثي    : ومال إليه  المصنف    . وجزم به في الوجيز . وقدمه في الرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفائق . وقال في الروضة : يكره منعه فضل مائه ليسق به . للخبر . 
فوائد : الأولى : حيث قلنا لا يلزمه بذله : جاز له بيعه بكيل ، أو وزن معلوم . ويحرم بيعه مقدرا بمدة معلومة . خلافا  لمالك    : ويحرم أيضا بيعه مقدرا بالري ، أو جزافا . قاله  القاضي  وغيره ، واقتصر عليه في الفروع . قال  القاضي    : وإن باع آصعا معلومة من سائح : جاز كماء عين . لأنه معلوم ، إن باع كل الماء : لم يجز . لاختلاطه بغيره . 
الثانية : إذا حفر بئرا بموات للسابلة  ، فالناس مشتركون في مائها ، والحافر كأحدهم في السقي ، والزرع ، والشرب . قاله الأصحاب . ومع الضيق يقدم الآدمي .  [ ص: 367 ] ثم الحيوان . قاله الأصحاب . منهم صاحب الرعايتين ، والفروع ، والفائق والحاوي الصغير ، وغيرهم . ثم زاد في الفائق : ثم الزرع . وهو مراد غيره . وقال في التلخيص : ومع الضيق للحيوان ، ومع الضيق للآدمي . والظاهر أن النسخة مغلوطة . الثالثة : لو حفرها ارتفاقا كحفر السفارة في بعض المنازل ، وكالأعراب والتركمان ينتجعون أرضا فيحتفرون لشربهم ، وشرب دوابهم فالبئر ملك لهم . ذكره  أبو الخطاب    . وقدمه الحارثي  ، وقال : هو أصح . وهو الصواب . وقال  القاضي  ،  وابن عقيل  ،  والمصنف  ، وجماعة : لا يملكونها . وهو المذهب . قال في الفروع : فهم أحق بمائها ما أقاموا . وفي الأحكام السلطانية : وعليهم بذل الفاضل لشاربه فقط . وتبعه في المستوعب ، والتلخيص ، والترغيب ، والرعاية ، وغيرهم . وبعد رحيلهم تكون سابلة للمسلمين . فإن عاد المرتفقون إليها ، فهل يختصون بها ، أم هم كغيرهم ؟ فيه وجهان . وأطلقهما في التلخيص ، والحارثي  في شرحه ، والفروع . 
أحدهما : هم كغيرهم . واختاره  القاضي  في الأحكام السلطانية . والوجه الثاني : هم أحق بها من غيرهم . اختاره  أبو الخطاب  في بعض تعاليقه قال السامري    : رأيت بخط  أبي الخطاب  على هامش نسخة من الأحكام السلطانية ، قال : محفوظ يعني : نفسه الصحيح : أنهم إذا عادوا كانوا أحق به . لأنها ملكهم بالإحياء . وعادتهم أن يرحلوا في كل سنة ، ثم يعودون . فلا يزول ملكهم عنها بالرحيل . انتهى . قلت    : وهو الصواب . وقدمه في الرعاية الكبرى ، والفائق .  [ ص: 368 ] قال في الرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير : فهو أولى بها في أصح الوجهين . 
الرابعة : لو حفر تملكا ، أو بملكه الحي : فنفس البئر ملك له . جزم به الحارثي  وغيره . وقدمه في الفروع ، وغيره . قال في الرعاية : ملكها في الأقيس . قال في الأحكام السلطانية : إن احتاجت طيا : ملكها بعده . وتبعه في المستوعب ، وقال هو وصاحب التلخيص وإن حفرها لنفسه تملكها : فما لم يخرج الماء ، فهو كالشارع في الإحياء . وإن خرج الماء استقر ملكه ، إلا أن يحتاج إلى طي ، فتمام الإحياء بطيها . انتهيا وتقدم : هل يملك الذي يظهر فيها أم لا ؟ . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					