الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن غصب خيطا ، فخاط به جرح حيوان ، وخيف عليه من قلعه : فعليه قيمته ، إلا أن يكون الحيوان مأكولا للغاصب . فهل يلزمه رده ، ويذبح الحيوان ؟ على وجهين ) . إذا غصب خيطا وخاط به جرح حيوان . فلا يخلو : إما أن يخاف على الحيوان بقلعه أو لا . فإن لم يخف عليه بقلعه : قلع . وإن خيف عليه ، فلا يخلو : إما أن يكون مأكولا أو لا . فإن لم يكن مأكولا ، فلا يخلو : إما أن يكون محترما ، أو لا . فإن كان غير محترم كالمرتد والكلب العقور ، والخنزير ، ونحوها فله قلعه منه بلا نزاع . وإن كان محترما ، فلا يخلو : إما أن يكون آدميا ، أو غيره . فإن كان آدميا : لم يقلع . على الصحيح من المذهب إذا خيف عليه الضرر . وتؤخذ قيمته . قدمه في الفروع . واختاره المصنف ، والشارح ، والحارثي ، وغيرهم . وقيل : لا تؤخذ قيمته إلا إذا خيف تلفه . ويقلع كغيره من الحيوانات المحترمة . فإنه لا بد فيها من خوف التلف . على الصحيح . وفيه احتمال . وهذا القول . ظاهر ما قطع به في الفائق ، والمذهب ، والتلخيص ، والرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير . لأنهم قيدوه بالتلف . وقدمه في الرعاية الكبرى . وهو احتمال للقاضي ، وابن عقيل . وإن كان مأكولا ، فلا يخلو : إما أن يكون للغاصب أو لا . فإن لم يكن للغاصب : لم يقلع . جزم به في المغني ، والشرح ، وشرح ابن منجا ، وغيرهم . [ ص: 140 ] وإن كان للغاصب وهي مسألة المصنف فأطلق الوجهين . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، وشرح الحارثي ، وابن منجا .

أحدهما : يذبح . ويلزمه رده . وهو المذهب . اختاره القاضي ، وغيره . قاله الحارثي . وصححه في التصحيح ، والنظم . وجزم به في الوجيز . وقدمه في الكافي .

والوجه الثاني : لا يذبح ، وترد قيمته . قدمه في المستوعب ، والتلخيص ، والرعايتين ، والحاوي الصغير . وفيه وجه ثالث : إن كان معدا للأكل كبهيمة الأنعام ، والدجاج ، ونحوه ذبح ورده ، وإلا فلا . وهو احتمال للمصنف . قال الحارثي : وهو حسن . وأطلقهن في الشرح ، والفروع . قوله ( وإن مات الحيوان : لزمه رده ، إلا أن يكون آدميا ) هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب . وجزم به في المغني ، والتلخيص ، والشرح ، وشرح الحارثي ، والوجيز ، وغيرهم من الأصحاب . وقدمه في الفروع ، وغيره وقيل : يلزمه رده بموت الآدمي . قال ابن شهاب : الحيوان أكثر حرمة من بقية المال . ولهذا لا يجوز منع مائه منه . ولو قتله دفعا عن ماله : قتل ، لا عن نفسه .

التالي السابق


الخدمات العلمية