الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ومن تحجر مواتا لم يملكه ) . هذا الصحيح من المذهب . نص عليه . قال الحارثي : المشهور عن الإمام أحمد رحمه الله : عدم الاستقلال . انتهى . وعليه الأصحاب . قال الحارثي : وعن الإمام أحمد رحمه الله رواية : أنه ما أفاده الملك . وهو الصحيح . انتهى . [ ص: 374 ] قوله ( وهو أحق به . ووارثه بعده ومن ينقله إليه ) بلا نزاع وقوله ( وليس له بيعه ) . هو المذهب . وعليه الأصحاب . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في المغني ، والشرح ، وشرح الحارثي ، وابن منجا ، والفروع ، والفائق وغيرهم . وقيل : يجوز له بيعه . وهو احتمال لأبي الخطاب . وأطلقهما في المحرر ، والرعايتين ، والحاوي الصغير .

تنبيه : قال الحارثي عن القول الذي حكاه المصنف قد يراد به : إفادة التحجر للملك . وقد يراد به : الجواز مع عدم الملك ، وهو ظاهر إيراد الكتاب ، وإيراد أبي الخطاب في كتابه . قال : والتجويز مع عدم الملك مشكل جدا . وهو كما قال .

فائدة : تحجر الموات : هو الشروع في إحيائه ، مثل أن يدير حول الأرض ترابا أو أحجارا ، أو يحيطها بجدار صغير ، أو يحفر بئرا لم يصل إلى مائها . نقله حرب . وقاله الأصحاب . أو يسقي شجرا مباحا ، ويصلحه ولم يركبه . فإن ركبه ملكه ، كما تقدم . وملك حريمه وكذا لو قطع مواتا لم يملكه ، على ما يأتي في كلام المصنف . قوله ( فإن لم يتم إحياءه ) . يعني وطالت المدة ، كما صرح به القاضي ، وابن عقيل ، والمصنف في المغني ، وغيرهم . فيقال له : إما أن تحييه أو تتركه . فإن طلب الإمهال : أمهل الشهرين والثلاثة . وهكذا قال في المستوعب ، والشرح ، وشرح ابن منجا ، والفروع . وقال في الرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفائق : ويمهل شهرين . وقيل : ثلاثة . [ ص: 375 ] وقال في الهداية ، والمذهب والخلاصة ، والمغني ، والتلخيص ، وجماعة : أمهل الشهر والشهرين . قال الحارثي : عليه المعظم . قال في الوجيز : ويمهل مدة قريبة بسؤاله . انتهى . قلت : فلعل ذلك يرجع إلى اجتهاد الحاكم . ثم وجدت الحارثي قال : وتقدير مدة الإمهال يرجع إلى رأي الإمام ، من الشهر والشهرين والثلاثة ، بحسب الحال . قال : والثلاثة انفرد بها المصنف هنا . كأنه ما راجع المستوعب والشرح .

تنبيه : فائدة الإمهال : انقطاع الحق بمضي المدة على الترك . قال في المغني : وإن لم يكن له عذر في الترك ، قيل له : إما أن تعمر ، وإما أن ترفع يدك . فإن لم يعمرها كان لغيره عمارتها . قال الحارثي : وهذا يقتضي أن ما تقدم من الإمهال مخصوص بحالة العذر ، أو الاعتذار . أما إن علم انتفاء العذر فلا مهلة . قال : وينبغي تقييد الحال بوجود متشوف إلى الإحياء . أما مع عدمه : فلا اعتراض ، سوى ترك لعذر أو لا . انتهى . قوله ( فإن أحياه غيره . فهل يملكه ؟ على وجهين ) . يعني لو بادر غيره في مدة الإمهال ، وأحياه . وأطلقهما في الهداية ، والمستوعب ، والخلاصة ، والكافي ، والمغني ، والتلخيص ، والمحرر ، والشرح ، وشرح ابن منجا ، والحارثي ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، والفائق ، والقواعد الفقهية .

إحداهما : لا يملكه . صححه في المذهب ، والنظم ، والتصحيح . وجزم به في الوجيز . [ ص: 376 ]

والوجه الثاني : يملكه اختاره القاضي ، وابن عقيل . قال الناظم : وهو بعيد

التالي السابق


الخدمات العلمية