الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن قال : أذنت لي في تفصيله قباء . قال : بل قميصا ، فالقول قول الخياط . نص عليه ) . لئلا يغرم نقصه مجانا بمجرد قول ربه ، بخلاف الوكيل . وهذا المذهب قال في التلخيص : القول قول الأجير في أصح الروايتين . وجزم به في الهداية ، والمذهب ، والخلاصة ، والمحرر ، والوجيز ، وغيرهم . وقدمه في المستوعب ، والمغني ، والكافي ، والشرح ، والفائق ، وشرح ابن رزين ، وغيرهم . وعنه : القول قول المالك . اختاره المصنف . قاله في الفروع ، ولم أره . وظاهر الفروع : إطلاق الخلاف . وعنه : القول قول من يشهد له الحال ، مثل أن يكون التفصيل لا يلبسه المالك ، أو يلبسه . قلت : وهو قوي . وقيل : بالتحالف . فعلى المذهب : له أجرة مثله . وعلى الثانية : لا أجرة له . فوائد : الأولى : لو قال : إن كان الثوب يكفيني فاقطعه وفصله . فقال : يكفيك ففصله . فلم يكفه : ضمنه . [ ص: 80 ] ولو قال : انظر . هل يكفيني قميصا ؟ فقال : نعم . فقال : اقطعه . فقطعه فلم يكفه : لم يضمنه . جزم به في المغني ، والشرح ، والحاوي .

الثانية : لو ادعى مرض العبد ، أو إباقه ، أو شرود الدابة ، أو موتها بعد فراغ المدة أو فيها أو تلف المحمول : قبل قوله . على الصحيح من المذهب . قدمه في الفروع . وقدمه في الرعاية في إباق العبد . وعنه : القول قول ربه . وقطع به في المغني فيما إذا ادعى مرض العبد وجاء به صحيحا وقطع به في الرعاية وفي الترغيب . في دعواه التلف في المدة : روايتان من دعوى راع تلف الشاة واختار في المبهج لا تقبل دعوى هرب العبد أول المدة . وفي الترغيب : تقبل ، وأن فيه بعدها روايتين . وتقدم قريبا لو أحضر الجلد مدعيا الموت .

الثالثة : يستحق في المحمول أجرة حمله . ذكره في التبصرة .

الرابعة : لو اختلفا في قدر الأجرة . فحكمه حكم اختلافهم في قدر الثمن في البيع . نص عليه . وكذا لو اختلفا في قدر مدة الإجارة ، كالبيع . كقوله : أجرتك سنة بدينار . وقال : بل سنتين بدينارين . وعلى القول بالتحالف : إن كان بعد فراغ المدة فعليه أجرة المثل ، لتعذر رده المنفعة . وفي أثنائها بالقسط . قوله ( وتجب الأجرة بنفس العقد ) . هذا المذهب ، سواء كانت إجارة عين أو في الذمة . فيجوز له الوطء إذا كانت الأجرة أمة . قال في الفروع : ويتوجه فيه قبل القبض رواية . يعني : بعدم الجواز . [ ص: 81 ] فائدة :

تستحق الأجرة كاملة بتسليم العين ، أو بفراغ العمل الذي بيد المستأجر ، أو ببذلها . على الصحيح من المذهب ، على ما يأتي في كلام المصنف قريبا . وعنه : تستحق الأجرة بقدر ما سكن . وحمله القاضي على تركها لعذر . ومثله تركه تتمة عمله . وفيه في الانتصار كقول القاضي . انتهى . وله الطلب بالتسليم . ولا تستقر الأجرة إلا بمضي المدة بلا نزاع . ولو بذل تسليم العين ، وكانت الإجارة على عمل في الذمة . فقال الأصحاب : إذا مضت مدة يمكن الاستيفاء فيها : استقرت عليه الأجرة . نقله المصنف ، والشارح ، وغيرهما . واختار المصنف : لا أجرة عليه . فقال في المغني : هذا أصح عندي . وأطلقهما في الفروع . قوله ( إلا أن يتفقا على تأخيرها ) . يجوز تأجيل الأجرة مطلقا . على الصحيح من المذهب . وعليه الأصحاب . وجزم به في المغني ، والمحرر ، والشرح ، والوجيز ، والفائق ، وغيرهم من الأصحاب وقيل : يجوز تأجيلها إذا لم تكن نفعا في الذمة . وقيل : يجوز قبضها في المجلس أيضا . فعلى المذهب : تكون الأجرة في الذمة غير مؤجلة ، بل ثابتة في الحال ، وإن تأخرت المطالبة بها . صرح به القاضي في تعليقه في الجنايات ، فقال : الدين في الذمة غير مؤجل ، بل ثابت في الحال ، وإن تأخرت المطالبة به . وحمل الزركشي كلام الخرقي في الإجارة عليه . وقدر له تقديرا . قلت : ظاهر كلام كثير من الأصحاب : خلاف ذلك ، كالمصنف هنا ، والخرقي وغيرهم . [ ص: 82 ] ولا يلزم من كون القاضي ذكر ذلك أن يكون متفقا عليه بين الأصحاب . فإن المسألة محتملة لما قاله القاضي ، ولما هو ظاهر كلام غيره . فنقول : السبب وجد . والوجوب محله انتهاء الأجل . والله أعلم . فائدة : لو أجلها فمات المستأجر : لم تحل الأجرة . وإن قلنا بحلول الدين بالموت لأن حلها مع تأخير استيفاء المنفعة ظلم . قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله . وقال أيضا : ليس لناظر الوقف ونحوه تعجيلها كلها إلا لحاجة . ولو شرطه لم يجز . لأن الموقوف عليه يأخذ ما لا يستحقه الآن ، كما يفرقون في الأرض المحتكرة إذا بيعت وورثت . فإن الحكر من الانتقال ، يلزم المشتري والوارث . وليس لهم أخذه من البائع . وتركه في أصح قولهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية