3640 ص: وأما وجه ذلك من طريق النظر : فإنا رأينا ، فأردنا أن ننظر هل تكون تغطية الرأس في الإحرام على كل الجهات منهيا عنها أم لا ؟ فرأينا المحرم نهي عن لبس القلانس والعمامة والبرانس ، فنهي أن يلبس رأسه شيئا ، كما نهي أن يلبس [ ص: 150 ] بدنه القميص ، ورأينا المحرم لو حمل على رأسه ثيابا وغيرها لم يكن بذلك بأس ، ولم يدخل ذلك فيما قد نهي عن تغطية الرأس بالقلانس وما أشبهها ؛ لأنه غير لابس ، فكان النهي إنما وقع في ذلك على تغطية ما يلبسه الرأس لا غير ذلك مما غطي به ، وكذلك الأبدان نهي عن إلباسها القميص ولم ينه عن تجليلها بالأزر ، فلما كان ما وقع عليه النهي من هذا في الرأس إنما هو الإلباس لا التغطية التي ليست بإلباس ، وكان إذا نزع القميص فلاقى ذلك رأسه فليس ذلك بإلباس منه لرأسه شيئا ، إنما ذلك تغطية منه لرأسه ، وقد ثبت مما ذكرنا أن النهي عن لبس القلانس لم يقع على تغطية الرأس ، وإنما وقع على إلباس الرأس في حال الإحرام ما يلبس في حال الإحلال ، فلما خرج بذلك ما أصاب الرأس من القميص المنزوع من حال تغطية الرأس المنهي عنها ثبت أنه لا بأس بذلك ؛ قياسا ونظرا على ما ذكرنا ، وهذا قول الذين كرهوا نزع القميص إنما كرهوا ذلك لأنه يغطي رأسه إذا نزع قميصه أبي حنيفة 5 وأبي يوسف 5 ومحمد - رحمهم الله - .