الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر استسقائه - صلى الله عليه وسلم - ربه حين شكوا إليه العطش ، وما وقع في ذلك من الآيات

                                                                                                                                                                                                                              روى البيهقي عن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب رحمه الله تعالى - قال :

                                                                                                                                                                                                                              خرج المسلمون إلى تبوك في حر شديد فأصابهم يوم عطش حتى جعلوا ينحرون إبلهم ليعصروا أكراشها ويشربوا ماءها ، فكان ذلك عسرة في الماء ، وعسرة في النفقة ، وعسرة في الظهر وروى الإمام أحمد وابن خزيمة ، وابن حبان ، والحاكم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وابن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة قال عمر : خرجنا إلى تبوك في يوم قيظ شديد ، فنزلنا منزلا وأصابنا فيه عطش حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع حتى إن كان الرجل يذهب يلتمس [ ص: 448 ] الرجل فلا يرجع حتى يظن أن رقبته ستقطع حتى إن كان الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه ويجعل ما بقي على كبده ، فقال أبو بكر : يا رسول الله ، إن الله عز وجل قد عودك في الدعاء خيرا ، فادع الله تعالى لنا ، قال "أتحب ذلك ؟ " قال نعم فرفع يديه نحو السماء فلم يرجعهما حتى قالت السماء فأظلت ثم سكبت ، فملئوا ما معهم ، ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها جاوزت العسكر ، وروى ابن أبي حاتم عن ابن حرزة - رحمه الله تعالى - قال : نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار في غزوة تبوك .

                                                                                                                                                                                                                              ونزلوا الحجر فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أن لا يحملوا من مائها شيئا ثم ارتحل ، ثم نزل منزلا آخر وليس معهم ماء ، فشكوا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقام فصلى ركعتين ، ثم دعا فأرسل الله سبحانه وتعالى سحابة فأمطرت عليهم حتى استقوا منها ، فقال رجل من الأنصار لآخر من قومه يتهم بالنفاق : ويحك قد ترى ما دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمطر الله علينا السماء ، فقال :

                                                                                                                                                                                                                              إنما أمطرنا بنوء كذا وكذا ، فأنزل الله تعالى : وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون [الواقعة 82] ذكر ابن إسحاق أن هذه القصة كانت بالحجر ، وروي عن محمود بن لبيد عن رجال من قومه قال : كان رجل من المنافقين معروف نفاقه يسير مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيثما سار ، فلما كان من أمر الحجر ما كان ، ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين دعا فأرسل الله تعالى السحابة فأمطرت حتى ارتوى الناس ، قالوا أقبلنا عليه نقول ويحك ، هل بعد هذا شيء ؟ قال : سحابة مارة .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية