مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " وما رد فيهما رد في الكتابة " . وما جاز بين المسلمين في البيع والإجارة جاز في الكتابة
قال الماوردي : لأن الكتابة عقد معاوضة فلم تصح إلا بعوض معلوم وأجل [ ص: 145 ] معلوم كالبيع والإجارة ، فإن كانت على عوض مجهول أو إلى أجل مجهول كانت الكتابة باطلة .
وقال أبو حنيفة : يصح فيها من جهالة العوض ما لا يصح في البيع والإجارة ، وهو أن يكاتبه على ثوب لا يصفه فيصح ، ويكون له ثوب وسط وعلى عبد غير موصوف فيصح ويكون له عبد وسط احتجاجا بأمرين :
أحدهما : أن مقصود الكتابة هو العتق ، والعتق يقع بالصفات المجهولة كوقوعه بالصفات المعلومة .
والثاني : أنه عقد تبتغى به القربة كالوصايا ثم جازت الوصية بالمجهول والمعلوم كذلك الكتابة .
ودليلنا . أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الغرر
وقوله : " ردوا الجهالات إلى السنن " ولأن كل جهالة منعت من صحة البيع منعت من صحة الكتابة . كقولك كاتبتك على شيء ، وبهذا المعنى فارقت الوصية حيث جازت بشيء مجهول ، لم تجز الكتابة به ولأن كل عقد بطل بجهالة الجنس بطل بجهالة الصفة كالبيع ، وبهذا المعنى فرقنا بين العتق بالصفة وبين الكتابة على أن العتق قد يقع فيها مع الجهالة بالصفة وإنما اختص بفساد العقد في العوض .