الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن غصب جلد الميتة ، فهل يلزمه رده ؟ على وجهين ) . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والهادي ، والرعاية الصغرى ، والحاوي ، والفائق ، وغيرهم . وهما مبنيان على طهارته بالدبغ وعدمها . فإن قلنا : يطهر بالدبغ : وجب رده . وإن قلنا : لا يطهر بالدبغ : لم يجب رده . وقد علمت أن المذهب : لا يطهر بدبغه . فلا يجب رده هنا . هذا هو الصحيح من المذهب . وجزم به في المغني ، والشرح ، وشرح الحارثي ، وابن منجا وغيرهم . وقدم هذه الطريقة في الكافي ، والفروع ، وشرح ابن رزين ، وغيرهما . وقيل : لا يجب رده . ولو قلنا : يطهر بالدبغ وقال في الفروع : وفي رد جلد ميتة وجهان . وقيل : ولو طهر . فظاهره : أن المقدم عنده : أن الخلاف على القول بعدم الطهارة . قوله ( فإن دبغه ، وقلنا بطهارته . لزمه رده ) . هذا الصحيح من المذهب . قدمه في المغني ، والشرح ، وشرح الحارثي ، والفروع ، والفائق ، وغيرهم .

وجزم به ابن منجا ، والرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير ، وغيرهم . وقيل : لا يلزمه رده ، لصيرورته مالا بفعله ، بخلاف الخمر المتخللة . وهو احتمال للمصنف ، والشارح . [ ص: 127 ] قال الحارثي : وفي هذا الفرق بحث . وأطلق في الفروع في لزوم رده إذا دبغه الغاصب وجهين . قال الحارثي : وإن كان الغاصب دبغه ، ففي رده الوجهان المبنيان . وإن قلنا : لا يطهر لم يجب رده ، على الصحيح من المذهب . قدمه في المغني ، والكافي ، والشرح ، والفائق ، وغيرهم . وقيل : يجب رده إذا قلنا يباح الانتفاع به في اليابسات . وكذلك قبل الدبغ . وجزم به الحارثي في شرحه . وظاهر الفروع : إطلاق الخلاف ، كما تقدم . وقال في الرعاية الكبرى : وإن غصب جلد ميتة فأوجه : الرد ، وعدمه . والثالث : إن قلنا : يطهر بدبغه ، أو ينتفع به في يابس : رده ، وإلا فلا . وإن أتلفه فهدر . وإن دبغه وقلنا : يطهر رده . انتهى . قوله ( وإن استولى على حر : لم يضمنه بذلك ) . هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به كثير منهم . قال في الفروع ، والرعايتين ، والحاوي الصغير : ولا يضمن حر بغصبه في الأصح . قال الحارثي : هذا المذهب وعليه جمهور الأصحاب . لأن اليد لا يثبت حكمها على الحر . وفي التلخيص وجه بثبوت اليد عليه . وبنى على هذا : هل لمستأجر الحر إيجاره من آخر ؟ إن قيل : بعدم الثبوت امتنع الإيجار .

وإنما هو يسلم نفسه ، وإلا فلا يمتنع . فعلى المذهب : لو غصب دابة عليها مالكها ومتاعه : لم يضمن ذلك الغاصب قاله القاضي في الخلاف الكبير . واقتصر عليه في القاعدة الثامنة والتسعين . [ ص: 128 ] قوله ( إلا أن يكون صغيرا . ففيه وجهان ) . وأطلقهما في المغني ، والرعاية الكبرى ، والقواعد الفقهية ، والشرح ، والفائق والحارثي .

أحدهما : لا يضمنه . وهو المذهب . صححه في التصحيح . وجزم به في الوجيز وشرح ابن رزين ، وغيرهما . وقدمه في الفروع وغيره وهو ظاهر ما قطع به في الهداية والمذهب ، والخلاصة ، وغيرهم .

والوجه الثاني : يضمنه . قدمه في الرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير . وقدم في النظم : أن الصغير لو لدغ أو صعق : وجوب الدية . وقال ابن عقيل : لا تجب كما لو مرض . على الصحيح . ويأتي هذا في أوائل كتاب الديات في كلام المصنف . فعلى المذهب : هل يضمن ثيابه وحليته ؟ على الوجهين . وأطلقهما في الشرح ، والنظم ، والفروع ، وشرح ابن منجا ، والحاوي الصغير ، والرعايتين .

أحدهما : يضمنها . صححه في التصحيح ، والفائق . قال الحارثي : وهو أصح .

والوجه الثاني : لا يضمنها . جزم به في المغني ، والوجيز .

فائدة : وكذا الحكم والخلاف في أجرته مدة حبسه ، على ما يأتي ، وإيجار المستأجر له . قاله في الفروع . وجزم في الوجيز هنا بوجوب الأجرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية