الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3928 [ ص: 479 ] ص: وقد روى القاسم بن محمد في ذلك ما حدثنا فهد ، قال : ثنا أبو نعيم ، قال : ثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : " خرجنا مع رسول الله - عليه السلام - ولا نذكر إلا الحج ، ، فلما جئنا بسرف طمثت ، فدخل علي رسول الله - عليه السلام - وأنا أبكي ، فقال : ما يبكيك ؟ فقلت : لوددت أني لم أحج العام أو لم أخرج العام ، قال : لعلك نفست ، قلت : نعم ، قال : هذا أمر كتبه الله على بنات آدم ، فافعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت ، . قالت : فلما جئنا مكة ، قال رسول الله - عليه السلام - لأصحابه : اجعلوها عمرة ، فحل الناس إلا من كان معه هدي ، فكان الهدي معه ومع أبي بكر ، وعمر ، - رضي الله عنهما - وذوي اليسارة ، ثم أهلوا بالحج ، فلما كان يوم النحر طهرت ، فأرسلني رسول الله - عليه السلام - فأفضت ، ، فأتي بلحم بقر ، فقلت : ما هذا ؟ فقالوا : أهدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نسائه البقر ، حتى إذا كانت ليلة الحصبة قلت : يا رسول الله ، يرجع الناس بحجة وعمرة وأرجع بحجة ؟ فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر - رضي الله عنهما - فأردفني خلفه ، فإني لأذكر أني كنت أنعس فيضرب وجهي مؤخرة الرحل ، ، حتى جئنا التنعيم ، فأهللت بعمرة جزاء بعمرة الناس التي اعتمروا بها" . فهذا مثل الحديث الذي قبله .

                                                التالي السابق


                                                ش: أي قد روى القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - في أمر عائشة ما حدثنا فهد بن سليمان ، ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين شيخ البخاري . . . إلى آخره .

                                                وهذا إسناد صحيح .

                                                وأخرج مسلم : حدثني سليمان بن عبيد الله أبو أيوب الغيلاني ، قال : نا أبو عامر عبد الملك بن عمرو ، قال : نا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : "خرجنا مع رسول الله - عليه السلام - . . . " إلى آخره نحوه .

                                                [ ص: 480 ] قوله : "فطمثت" أي حضت ، يقال : طمثت المرأة تطمث طمثا إذا حاضت فهي طامث ، والطمث : الدم وهو من باب نصر ينصر ، ويجيء أيضا من باب علم يعلم .

                                                قوله : "لعلك نفست" . بفتح النون وكسر الفاء ، أي : حضت ، قال ابن الأثير : يقال : نفست المرأة ونفست فهي منفوسة ونفساء ، إذا ولدت ، فأما الحيض فلا يقال فيه إلا : نفست بالفتح .

                                                وفي "المطالع" : قوله : "لعلك نفست" كذا ضبطه الأصيلي بضم النون ، وفي الولادة فنفست بعبد الله ، ضبطناه بالضم أيضا .

                                                قال الهروي : يقال في الولادة بضم النون وفتحها ، وإذا حاضت نفست بالفتح لا غير ، ونحوه لابن الأنباري ، والاسم من الولادة والحيض ، والمصدر النفاسة والنفاس ، والولد منفوس ، والمرأة نفساء ، ونفسى مثل كسرى ، ونفسى بالفتح ، والجمع نفاس مثل كرام ونفس بضم النون والفاء ، ونفساوات بالضم والفتح .

                                                قوله : "وذوي اليسارة" . أي أصحاب الغنى ، قال الجوهري : اليسار واليسارة الغنى .

                                                قوله : "فإني لأذكر" . اللام فيه للتأكيد ؛ ولهذا جاءت مفتوحة .

                                                قوله : "مؤخرة الرحل" . بضم الميم وكسر الخاء المعجمة ، وهي الخشبة التي يستند إليها الراكب من كور البعير ، وقد تقال بالهمزة : مؤخرة الرحل .

                                                قوله : "جزاء بعمرة الناس" . أي : قضاء بسبب عمرة الناس ، وانتصابه بفعل محذوف تقديره : جزيتها جزاء بعمرة الناس ، كما يقال : جزيته بما صنع .

                                                قوله : "فهذا مثل الحديث الذي قبله" . أي فهذا الحديث الذي رواه القاسم بن محمد مثل الحديث الذي رواه الأسود عن عائشة ، فيما ذكرنا من المعنى" .




                                                الخدمات العلمية