الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الثاني عشر : في الكتاب : أحد أحرار ، ولم يبين معينا ، خير فيهم ، بخلاف الطلاق ، وقد تقدم تقريره في الطلاق سؤالا وجوابا ، وكذلك : واس منهم في السبيل أو المساكين ، يخير فيهم ، وإن نوى معينا صدق في نيته بغير [ ص: 119 ] يمين ، ولو فسر وهو مريض ، يعتق من رأس المال لتقدم التصرف في الصحة ، أي أن تكون قيمته أكثر من قيمة الآخر ، فالفضل من الثلث إن فسر في المرض ، لاختصاص هذا الأمر بالمرض ، وقال غيره : بل من رأس المال نظرا لوقت التصرف ، قال ابن يونس : قال محمد : إن شهد عليه فأنكر قضي عليه ، فإن أبى أعتق عليه ، أدناهم ، لأن الأصل : بقاء ملكه ، وكذلك ورثته بعد موته ، فإن كان في الشهادة أنه أراد أحدهما ونسيه ، حكم بعتقهما معا عليه وعلى ورثته ، إن قال ذلك في صحته ، وعن ابن القاسم : إن قال : أحدهم حر ، وشهد عليه وهو ينكر ، عتقوا عليه ، كالطلاق ، وإن قال : غلامي حر أو امرأتي ، خير فيهما ، وإن مرض ، فإن اختار العتق فمن الثلث ، أو الطلاق ورثته امرأته ، وإذا قال : أحدكما حر : قال سحنون : يصدق مع يمينه نفيا للتهمة ، فإن نكل عتقا عليه ، وهذا بإقراره ، وهذا بنكوله ، وإن قال : لم أنو شيئا حلف على ذلك ، واختار أيهما شاء ، وإن قال : نويت ونسيت عتقا عليه ، وإذا فسر في المرض وكانت الزيادة في الثلث ، فهي مبدأة على الوصايا وعلى العتق والزكاة التي فرط فيها ، ويحتمل التبدئة على التدبير في الصحة ، لأنه أمر عقده في الصحة ، ويحتمل تقديم التدبير لوقوعه ، فعلى التفسير في هذه الزيادة ، فإن لم يخير حتى مات : قال ابن القاسم : يختار ورثته ، لأنه حق مالي كان لموروثهم ، وعنه : يقرع بينهم كالعتق في المرض ، فإن كانوا ثلاثة عتق ثلث قيمتهم ، وعنه : يعتق أثلاثهم ، ويشرع العتق في جميعهم لعدم المرجح ، وعن مالك : يعتق ثلثهم بالسهم ، وإن كانوا أربعة فربعهم ، قال محمد : يختار الورثة كقول ابن القاسم ، فإن اختلفوا فقول مالك ، وعن ابن القاسم : إن اختلفوا عتق الأدنى ، وإن قال في مرضه : أحدهما حر فمات ، عتق نصف قيمتها بالسهم إن حمله الثلث ، فإن استوت القيمة ، عتق من أخرجه السهم ، أو أخرج السهم الكثير القيمة ، عتق منه مبلغ نصف قيمتها ، أو السهم القليل عتق كله ، وعتق من الآخر تمام نصف قيمتها ، قالهمالك وأصحابه إلا المغيرة ، قال سحنون : وكذلك الحكم إن قال في مرضه : زيد حر ، وله عبدان ، اسمهما زيد ، ثم مات ، قال المغيرة : يعتق نصف كل واحد منهما إن حمله كذلك [ ص: 120 ] الثلث ، وإلا فيقدم ما حمل ، قال عبد الملك إن قال عند موته : أحد كما حر ، عتق نصف قيمتهما بالسهم ، وإن قال : زيد أو عمرو : عتق جميع أحدهما بالسهم ، كان أكثر من نصف قيمتهما أو أقل لأن هذين معرفتان ، والأول نكرة ، وكذلك إن قال : أسهموا بين عبيدي فالخارج أعتقوه ، وإن قال : أحدكما حر فلم يختر حتى مات أحدهما : عتق الباقي ، وكذلك إن لم يختر الوارث حتى مات أحدهما ، فالباقي حر من رأس المال ، فإن مات أحدهما ثم قتل الآخر عمدا ، قتل قاتله حرا كان أو عبدا ، وفي الخطأ ديته على عاقلة الحر ، وإن قتل أحدهما عتق الباقي ، وإن لم يختر حتى جنى أحدهما فله الاختيار ، فإن اختار الجاني فليس له ذلك إلا أن يحمل عند الجناية ، والآخر فله فداء الجاني وإسلامه ، فإن مات الجاني قبل الخيار فالثاني حر بغير عتق مؤتنف ، ويورث الآخر مكانه ، أو مات غير الجاني عتق الجاني واتبع بالجناية لنفوذ عتق معقود قبل الجناية ، كالمدبر يجني ثم يموت السيد ، والثلث يحمله ، قال سحنون : إذا قال : أحدكما حر ، فلم يختر حتى مات أحدهما أو استحق بحرية عتق الآخر ، وعنه : إن مات أحدهما أو مرض السيد ، وعليه في الصحة بينة بذلك ، يسأل وقال : أردت الميت ، حلف ، وإلا عتق الحي ، أو أردت الحي عتق من رأس ماله بعد يمينه ، أو قال : لم أرد معينا ، عتق الحي في رأس المال ، وإن أقر بهذا في مرضه أنه قاله في صحته ، فلا يعتق الحي في ثلث ولا غيره ، أو قاله في الصحة فلم يختر حتى قتلا في صحته ، فلا يعتق الحي في ثلث ولا غيره ، أو قاله في الصحة فلم يختر حتى قتلا جميعا : فعلى القاتل قيمة عبد ودية حر ، أو قتل واحد فالباقي حر ، أو قطعت يد أحدهما ومات الآخر ففي اليد دية حر ، لأن موت صاحبه صيره حرا ولا تقطع يد الجاني وإن تعمد ، قال أشهب : إذا استحق أحدهما بحرية أصلية ، لا شيء في الباقي ، قال محمد : ولو قال لعبده ملحد أحدكما حر ، فلا [ ص: 121 ] شيء عليه أصدق العبارة بذلك الحر في المسألتين . وفي الموازية : قال في صحته لمبارك وميمون : أحدكما حر ، وقال لميمون وزيد : أحدكما حر ، فإن اختار عتق الذي وقع له القول مرتين ، وهو ميمون . رق الباقيان ، أو اختار رقه ، عتق الباقيان ، وإن مات ميمون قبل الاختيار يعتق الأول والثالث ، لأنه كان قرينا لكل واحد منهما ، وامتنع الخيار لموته ، وإن اختار مباركا أو زيدا فلا بد من اختيار عتق الباقيين ، قال ابن القاسم : فإن مات قبل أن يختار ورثته لأنه من عتق الصحة ، وقيل : يقرع بينهم ، فإن خرج ميمون رق الباقيان أو أحدهما زيد أقرع بين الآخر وبين ميمون ، ومن خرج أعتق ، والعتق في ذلك من رأس المال ، قال سحنون : إذا قال لمكاتبه وعبده : أحدكما حر ، يسأل : من أراد بعد يمينه ؟ وقيل : لا خلف ، وإن قال : لم أرد معينا عتق من شاء منهما ، وحلف ، فإن لم يسأل حتى وديت الكتابة وقال : أردت المكاتب رد عليه ما أخذ منه من يوم أعتقه ، وإن قال : لم أعتق ، عتق القن كما إذا استحق أحدهما بحرية أو موت ، قال سحنون : وإن قال في صحته لمدبره وعبده : أحدكما حر ، سئل ، فإن أراد هذا ، حلف وصدق ، وإن لم يعين اختاره ، وإن مات قبل أن يسأل ، وحمل المدبر الثلث ، عتقا جميعا ، هذا من الثلث فيما ترك سوى القن ، والآخر من رأس المال ، كما إذا استحق أحدهما بحرية ، فإن لم يحمله عتق منه ما حمل ، وخير الورثة بين عتق باقي المدبر وعتق القن ، قال محمد : فإن قال ذلك عند موته أو في وصيته : أسهم على نصف قيمتها ، فإن خرج المدبر عتق ، وإن بقي من نصف قيمتها شيء ، جعل في الباقي إن حمله الثلث ، وإن خرج القن برئ المدبر ، ثم عتق القن إن حمله الثلث ، إلا أن تكون قيمته أكثر من نصف قيمتها فيعتق منه قدر نصف قيمتها في الثلث ، وإن كان المدبر قدر الثلث عتق كله ، وبطلت الوصية ، قال سحنون : وإن قال في صحته لأم ولده وأمته يخير ، وحلف كالمدبرة والمكاتبة ، وإن مات عتقا من رأس المال ، [ ص: 122 ] كاستحقاق أحدهما بحرية أو في مرضه ، ثم مات عتقت أم الولد من رأس المال : والأمة من الثلث : أو ما حمله ، وإن قال : أقرعوا بينهما فمن خرج فأعتقوه ، أقرع فإن خرجت أم الولد رقت الأمة ، أو الأمة عتقت في الثلث ، وأم الولد من رأس المال ، وإن قاله لعبدين أحدهما موصى بعتقه فيهما كالمدبر والقن أحدهما قن ، والآخر موصى به لرجل ما لم يمت في هذا ، فلورثته الخيار ، فإن أعتقوا الموصى بعتقه فمن رأس المال ، وبطلت الوصية ، أو الآخر عتق من رأس المال ، وبقيت الوصية ، وإن قاله في مرضه ، ثم مات ، نظر إلى نصف قيمتهما وأسهم بينهما ، فعتق من خرج في نصف قيمتهما إن حمله الثلث ، فإن اجتمعت مكاتبة ، ومدبرة ، وأم ولد ، ومعتقة إلى أجل ، وأمة ، وقاله في صحته ، خير فيهن ، ويحلف ، فإن مات عتقت أم الولد في رأس ، ردت المكاتبة وحل أجل المعتقة ، فلتعتق الأمة من رأس المال ، كما لو ، قال اللخمي في الطلاق والعتاق عند عدم النية ، ثلاثة أقوال : يخير فيما يعم الطلاق والعتاق ، يخير في العتق دون الطلاق .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية