الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 59 ] فرع

                                                                                                                قال مالك : يجوز الشاهد واليمين ، والمرأتان واليمين فيما يؤدي إلى الطلاق والعتق ، ونقض العتق ، والحد ، كدين متقدم على عتق فينقض ، وكذلك بالنكول مع يمين الطالب ، وعن ابن القاسم : لا يرد بالنكول ولا بإقراره أن دينا عليه قبل العتق ، قال مالك : وفي شراء الزوج لامرأته ، فيفرق بينهما في أن المقذوف عبد فيزول الحد ، أو في أداء الكتابة فيعتق المكاتب ، أو في بيع عبد منك فيحلف ويبطل عتق البائع المتقدم ، وفيمن حاز نفسه بالحرية أنه مملوك لفلان ، فيبطل العتق ويبطل الحد عن قاذفه ، ويتشطر الحد عليه ، قال أشهب : إذا وطئها ثم ادعى شراءها فأقر له سيدها ، أو أنكر ونكل عن اليمين ملكها ولا يسقط الحد ، أو شاهدا وامرأتين سقط ، قال : وهذا لم يكن في حوزه ، وخالفه ابن القاسم ، قال سحنون : ويثبت بالشاهد واليمين : الغصب والاستهلاك ، وجراح الخطأ ، والإبراء من الأموال أو من الجناية أو من العيوب في المبيع ، والإقرار بأن ما شهدت به بينته باطل ، قال ابن القاسم : وفي كل جناية عمد لا قود فيه ، واختلف قوله في القصاص فيما دون النفس ، ورجع للمنع ، وفي الموازية : قال عبد الملك : يقبل في صغير جراح العمد كالموضحة والإصبع ونحوه من المأمون على النفس ، بخلاف ما يخاف فيه على النفس ، وفي أنها ألقت بالجناية مضغة ، وتستحق العدة دون الكفارة ، قال مالك : وفي أنه الوارث فيأخذ الميراث بعد الاستباء إذا ثبت النسب والموت بغير ذلك ، قال مالك : إذا أقام شاهدا أنه أوصى إليه لا يحلف ، بل يوليه الإمام إذا رآه أهلا ، قال ابن القاسم : ويثبت بالشاهد واليمين أنه خالع على مال ويأخذه ، قال عبد الملك : لا يثبت بذلك أنه أوصى بثلثه للمساكين ، قال ابن القاسم : إذا ادعت على زوجها صداقا إلى موت [ ص: 60 ] أو فراق ، حلفت مع شاهدها ، ولها صداق مثلها إلا أن يكون ما وصل إليها من العاجل أكثر فلا ينقص هذا وقبل البناء لم تحلف لأنها تدعي فسخ النكاح ، ويقضى بذلك في قتل العبد فيستحق قيمته من الحر ، أو رقبة العبد القاتل ، ولا يقتص من العبد بذلك ، قال محمد : ولا من جراح العبد بذلك ، وقال أصبغ : يأخذ الأرش ، وإن أراد القصاص حلف العبد واقتص له ، قال مالك : إن حلف بالطلاق ليقضينه إلى أجل ، فأقام شاهدا قبله أنه قضاه ، حلف وسقط الحق ، وزال الحنث ، وكذلك اليمين والنكول من الطالب ، أو إقراره ، وأما إلى الأجل فلا يبرأ إلا بشاهدين قبل الأجل ، ولا يبرأ بإقراره ولا غيره ، ولكن يسقط الحق ، قال عبد الملك : يبرأ بالإقرار ، قال مطرف : وكذلك لو شهد له شاهد بعد الأجل بالقضاء قبل الأجل ، وشاهدان على شهادة امرأتين بمثل ذلك خرج من الحنث ، ولو شهدتاهما لنفسهما مع هذا الرجل لم يسقط الحنث ، وإن شهد شاهد بوصية فيها عول أو فيها عشرة دنانير لرجل مات قبل موت الموصي ولم يعلم به ، وفيها عشرة في السبيل ، قال عبد الملك : يحلف مع الشاهد ولا يأخذ إلا ما أعطاه العول ، وإنما يدخل عليه العول بعد يمين الورثة بسبب الشهادة للمجهولين أو الميت ، وهو يوجب العول ويقاص من يحلف من أهل الوصايا بإدخال ذلك عليهم ، فصار ذلك حقا للورثة يجعلهم يحلفون مع هذا الشاهد ، وقال ابن القاسم : لا يحلفون ، بل إجازة الشهادة لأحد أخذه بقسطه وما ينوبه مع غيره ، وإن لم يأخذه أهله وشاهده أوجب الحصاص ، ثم لمن لم يحلف ، ولو شهد آخر الناكلين لأخذ حقه من الثلث بغير حصاص ، قال ابن القاسم : إن شهد لك بوصية أو صدقة فوقف ذلك ليأتي بشاهد آخر فلم يجد ، يقسم ذلك القاضي بين الورثة فجئت بشاهد آخر ينقض الحكم وقضي لك ، وما فات بولادة أو عتق لم [ ص: 61 ] يرد ، ويأخذ ثمنه إن بيع ، فإن لم يفت بذلك عند المشتري أخذته ودفعت ثمنه للمشتري ، وترجع أنت بالثمن على الورثة البائعين له ، وتدفع ما أنفق في الأرض من بناء أو غيره ، ويتبع الوارث .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية