الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                ابن القاسم : إن قال : اخدمني سنة وأنت حر فإن أبقت فيها فلا حرية لك أو عليك قضاء ما أبقت فيه فله شرطه ، قال غيره : وإن دبره وشرط عليه إن أبق فلا حرية له ، نفعه شرطه ; لأن العتق إلى أجل أقوى من المدبر ، فإذا نفع الشرط فيه فالمدبر أولى وليس كالمكاتب يشترط عليه إن أبقت فلا حرية لك ; لأن المقصود منه إذا المال فلا يقدح فيه الإباق إذا أدى ، فإن عجز فسوى أبق أم لا يعجز بعد التلوم والمدبر والمعتق إلى أجل ، المقصود منهما : الخدمة ، والإباق يخل فيهما ، وقد سوى بينهما ، قال : وهو غلط ، وقيل في المعتق إلى أجل يأبق في الأجل ويأتي بعده وقد اكتسب مالا في إباقه أن للسيد أخذه ، قال : والأول أحب إلينا ، وإن قال : اخدم فلانا حياتي [ ص: 216 ] فإذا مت فأنت حر : قال ابن القاسم : هو حر من الثلث ; لأنه عتق بعد الموت ، وقال أشهب : من رأس المال ; لأنه خرج من ماله في صحته ، وانقطع ملكه عنه ، وكل من خرج في الصحة لا يرجع إليه ولا لورثته بعده بوجه فهو من رأس المال ، وإن كان لا يعتق إلا بموت صاحبه فهو من ثلثه ، وأصل ابن القاسم : أن كل عتق يكون بموت السيد فلا يكون إلا من الثلث ، وإن كان لا يرجع إلى سيده ولا إلى ورثته أبدا ، وإن كان عتقه بموت غير السيد من مخدم أو غيره فلم يختلف فيه قول مالك وأصحابه : أنه من رأس المال ، فإن قال : اخدم فلانا حياته فإذا مت أنا فأنت حر ، فاتفقا أنه من الثلث أو قد يرجع للسيد إن مات المخدم قبله ، وإن قال : اخدم عبد الله حياة زيد فإذا مات سعيد فأنت حر فهو من رأس المال ، فإن مات زيد قبل سعيد رجع العبد إلى سيده أو إلى ورثته إن مات سعيد ، وإن لم يمت زيد أخدمه عبد الله وورثته حتى يموت سعيد فيعتق ، وإن قال : اخدم فلانا حياته وأنت حر فإن مت أنا فأنت حر ، فهو - عند أشهب - من رأس المال ; لأنه لا يرجع للسيد ولا لورثته ، وعند ابن القاسم : ينبغي إن مات الأجنبي قبل سيده فمن رأس المال أو السيد قبل الأجنبي فمن ثلثه ، فإن عجز الثلث عن شيء منه فرق كان ما رق منه يخدم الأجنبي حياته ثم يعتق ، قال محمد : وإنما تجعل في ثلث سيده خدمته حياة المخدم على الرجاء والخوف ; لأنه لم يبق فيه رق غير الخدمة ، وإن قال : اخدم فلانا وأنت حر إلا أن أموت أنا فأنت حر فمات الأجنبي أولا ، ولم يستحدث السيد دينا يوم قال ذلك عتق - عند أشهب - من رأس المال أو لحقه دين فالدين أولى به ، وإن مات السيد أولا عتق في ثلثه فإن عجز رق باقيه لورثته ، لأنه استثنى عليه رقا بقوله : إلا أن أموت وأنت حر إذا غابت الشمس إلا إن دخلت الدار فأجد فيها فلانا فالرق يلحقه إذا دخلها قبل المغيب ، وأسقط أجل مغيب الشمس ، وقد أبقى الرق موضعها [ ص: 217 ] باستثنائه هذا أو متى كان فيه أبدا موضع الرق لحقه الدين ، وإن مات سيده عتق من الثلث ، وكذلك أنت حر إلى عشر سنين إلا أن أموت قبلها فإن حلت السنين ولا دين عليه عتق من رأس المال ، أو مات السيد قبل ذلك عتق في ثلثه أو ما حمله ، ورق الباقي وسقط عتق الأجل .

                                                                                                                قاعدة : الصريح من اللفظ : ما وضع للمعنى لغة كالطلاق في إزالة العصمة ، أو عرفا كالحرام في إزالة العصمة ، والكناية : هو اللفظ الدال على المعنى بطريق الاحتمال والمجاز لا بالصريح ، فالمجاز كالذهاب في الطلاق والعتق ، والمتردد - مع أنه حقيقة - كقوله : أنت حر بعد موتي ، فهو صادق على الوصية والتدبير حقيقة ، ولا يتعلق إلا بالنية على الخلاف المتقدم .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية