الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                السادس في الكتاب : إن جحد العتق فاستغل واستخدم ووطئ ثم ثبت العتق بالبينة وهو يجحد فلا شيء عليك من ذلك ، وإن أقر بذلك ولم تنزع رددت الغلة للعبد ، وقيمة خدمته ، ويحد في الوطء كمن ابتاع حرة وهو يعلم بها ، وإن حلف لعتقه فحنث واستغله ، ثم مات ، وكاتبه وورثته غير عالمين بالحنث ، ثم شهد بالعتق مضى العتق الآن ، ولا رجوع له بغلة ولا كتابة ، وكذلك إن جرحه السيد أو قذفه وثبت عتقه قبل ذلك والسيد جاحد ، فلا شيء عليه ، بخلاف حكمه مع الأجنبي ، وقال غيره : إن جحد السيد العتق فثبت بالبينة ، رد الغلة ، وللعبد حكم الحر فيما مضى مرددا وجرح ، له أو عليه مع الأجنبي أو السيد ، لأن الشهادة يثبت حكمها من يوم شهدوا أن العتق وقع فيه ، قال ابن يونس : قال أشهب : جحد السيد مع البينة كالإقرار ، إلا في الوطء ، لأن الجحد شبهة تمنع الحد ، إلا أن يقر بالتعمد ، قال محمد : وإن أقر وقد جرحه خطأ فعليه الأقل من دية جرحه عبدا أو حرا للعبد إلا أن يكون ثلث الدية فأكثر فلا شيء عليه أقر أو جحد ، لأنه إقرار على العاقلة ، [ ص: 90 ] والقياس أن عليه ما يلزمه مع العاقلة . قال ابن القاسم : وإذا استحق العبد فإنه حر الأصل لم يرد السيد ما أخذه من كتابة أو غلة ، خدمة أو خراج دون ما انتزعه من ماله ، أفاده أم لا ، ودون ما قبضه من أرش جراحاته وقطع يده ، لأنه لا يضمنه لو مات عنده ، بل يرجع على بائعه بالثمن ، قال المغيرة : يرد غلته ويعطي الموطوءة صداق المثل ، ولم ير ابن القاسم الصداق ، لأنه مسترق الحر دفع ثمنا انتفع به فينتفع بمثمونه ، كما استحق الملك ، والفرق للمغيرة : أن العبد إذا هلك بيد مشتريه ضمنه ، ولا يرجع بثمنه ، والخراج بالضمان والحر لا يضمنه حر ، ولو هلك بيد المشتري رجع بالثمن على البائع ، قال اللخمي : جعل مالك الجاحد في الكتاب له شبهة الملك ، وحمله على النسيان ، كمن طلق ثم أصاب على شبهة العقد المتقدم أنه لا صداق لها .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية