الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                التاسع في الكتاب : إذا أقر الوارث أو شهد أن موروثه أعتق هذا في صحته أو مرضه ، والثلث يحمله ، وأنكر ذلك بقية الورثة ، ردت شهادته وإقراره ، ولا يقوم عليه ، لأنه لم يعتق ، ورق العبد ، ويستحب للمقر بيع حصته ، فيجعل ثمنه في رقبته يعتقها . ويكون ولاؤها لأبيها ، ولا يجبر على ذلك ، وما لا يبلغ رقبة في رقبة فإن لم يجد ففي أخذ نجوم كتابة ، فإن ترك الميت عمد آخر وطلب الورثة القسمة . فوقع المقر به للمقر عتق بالقضاء ، وإن اختلف اثنان فقال [ ص: 93 ] أحدهما : أعتق أي هذا ، وقال الآخر : بل هذا ، قسمت العبيد فيمن وقع في سهمه ، من أقر به عتق عليه ما حمل الثلث منه ، وإن لم يقع له ، أخرج مقدار نصف ذلك العبد إن حمله ثلث الميت فيجعل في رقبة ، أو يعين به في رقبة ، ولا يؤمر هاهنا بالبيع لانقسام العبيد ، وما لا تنقسم كالعبد الواحد كما تقدم ، وفي النكت : حيث أمر بالبيع في حصته ، ثم اشتراه بعد ذلك ، عتق عليه ، والفرق بين الملك ثانيا وبين إقراره أولا : أن الإرث جره إليه والمشتري منحان للمالك ، قال ابن يونس : إذا أقر أحد الورثة أو شهد فرد لك ، فكل وارث مالك نصابه ، فيتورع عن خدمته ، ولو قال : أجزت عتق نصابي عتق ، ولا يقوم عليه ، قاله ابن القاسم ، ورد الشهادة للتهمة في جر الولاء ، وإن ملك الوارث الشاهد ، أو المقر العبد يوما عتق عليه إن حمله الثلث ، رجع عن شهادته أم لا ، إذا كان عتق الميت في مرضه ، ولو قال في صحته ، لم يجز له ملك شيء منه أبدا ، ولو أعتقه في مرضه ومعه وصايا فقدم عليها . والثلث يحمله فقط ، فإنه متى ما ملك منه شيئا عتق عليه ملكه كله أو بعضه ، وإن كانت تلك الوصايا تقدم عليه عتق عليه ، أي أملكه بما كان يحصل له من العتق في تبدية غيره أو مساواته له ، وكذلك إذا لم يملكه ، وإنما صار له منه دنانير أو دراهم أو عرض . وإن شهد الوارث أن الميت أوصى بعتق بقية المعتق بعضه عتق نصيب الشاهد فقط لأنه لم يدخل فساد على الورثة ، لأن بعضه حر ، ويحلف الباقون على علمهم ، وإن كان الوارث من لا يرث الولاء والعبد ممن يرغب في ولائه ، بطلت الشهادة ، وإن كان بعضه حرا ، ومتى ملكه عتق عليه ، ولا يقوم عليه بقيته ، وما عتق بهذا الوجه فولاؤه للميت ، ولمن يرثه عنه ، وإذا كان وارث واحد هو الشاهد بالعتق ، أو وارثان لم يرثه غيرهما عتق جميع العبد ، كان الشاهد عدلا أم لا ، وإن كان غير مولى عليه ، والذي قال في [ ص: 94 ] المدونة فيه : يجعل ما صار له في رقبة من غير إجبار ، قال في العتبية : يعتق عليه ، لأنه مقر بحريته ، قال : ونقل الثلث المتقدم مشكل ، قال : ولا أعلم في أصولنا عبدا يجوز ملكه وبيعه ، فإذا اشتراه عتق عليه على مذهب المدونة ، إذا اشترى بعضه ، إلا أن يشتريه كله ، مما لا يعتق عليه بالميراث ، إلا أن يملكه كله ، والسبب : دخول الضرر على بقية الشركة ، قال مالك : وإذا ترك عبدين قيمتهما سواء ، لم يترك غيرهما ، وترك ولدين ، تنازعا أيهما عتق ، واقتسما ، ووقع لكل واحد الذي يشهد به ، عتق منه ثلثه ، مثل أن يكون فيه كل عبد ثلاثين ، وثلاث للميت عشرون ، وهو ثلث العبد ، لأن صاحبه لو صدقه كان الذي يعتق منه ، وقال البرقي : إن لم يحملا القسمة تقاوماهما ، وإن صار لكل واحد العبد الذي لم يقر به ، أمر بإخراج ثلث قيمة الذي صار له ، فجعله في رقبة بغير قضاء ، أو العبد الذي أقر له عتق عليه ثلثاه بالقضاء ، لأن قيمتهما سواء ، قال ابن القاسم : إذا ترك بنات وثلاثة أعبد فقال : أعتق أبي هذا ، ثم قال : بل هذا ثم قال : بل هذا ، وقيمتهم سواء ، عتق من كل واحد ثلث الميت ، وهو ثلث قيمتهم ، ومن الثاني ثلث قيمة الاثنين ، وثلث ما بقي من الأول ، ومن الثالث ثلثه ، وثلث ما رق من صاحبه ، إن رق شيء ، قال ابن يونس : إن استوت القيمة ولم يترك غيرهم ، عتق الأول ، لأنه ثلث الميت ، وثلث الثاني ، لا ثلث ما بقي ، وأربعة أتساع الثالث ، لأنه أيضا ثلث ما بقي ، قال اللخمي : قرار بعض الورثة لا يقبل ، كان من العبد الذي ينقض عتقه قيمة ما بقي أم لا ، وفي إقرار الوارث ثلاثة أقوال : يرق نصيبه ، ويبطل إقراره ، ويجوز ، ويعتق نصيبه ولا يقوم . والثالث : يعتق ويقوم عليه نصيب شركائه ، لأنه يتهم أن يكون العتق منه ، وينسب ذلك للميت ، وهل [ ص: 95 ] بطلان العتق والإقرار لأنه يدخل عيبا على الورثة أو لأنه يؤدي إلى عتق من غير استكمال ، فاعتبر في المدونة حتى الشركاء ، ولذلك أجازه إذا كانا عبدين فاقتسماها ، وعلى هذا إذا لم ينقص أو دفع النقص يجوز وإن كره الشركاء ، وكذلك إن رضي الشركاء بالعبد ، وإذا شهد أحد الورثة وهو عدل ، فللعبد تحليف الكبار الرشد ، قال محمد : إلا أن يكون فيهم صغير أو سفيه ، لأنهم أقروا حينئذ ، لم يعتق ، وعلى قوله : لو حلف أحد الكبار لم يحلف الباقين ، لأنهم لو أقروا لم يعتق ، فإن نكل حلف الثاني ، فإن حلف لم يحلف الثالث ، وعلى القول بعتقه يحلف كلهم ، فمن أقر عتق نصيبه ، وإن نكل سجن حتى يحلف ، وإن شهد اثنان من الورثة ولم يعدلا لم يعتق على ما في المدونة ، وعلى الآخر ، يعتق أنصباؤهما ، وإن كانا غير عدلين ، والولاء يثبت لجميعهم : المقر والمنكر ، وللمنكر خاصة قضي بعتقه ، أو للمقر خاصة كالإخوة للأب ، والإخوة ، أو رجال ونساء ، والعبد يرغب في ولائه جازت الشهادة ، وإن كان يرغب في ولاء ، ردها في المدونة وأجازها في الموازية .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية