الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إن أوصى بمكاتبه أو بما عليه : أو أوصى بعتق مكاتبه أو بوضع ما عليه جعل في الثلث الأقل من قيمة المكاتبة أو قيمة الرقبة ، على أنه عبد مكاتب في أدائه وجزائه ، كما لو قتل ، وقال أكثر الرواة : لا ينظر إلى قيمة الكتابة بل الكتابة أي : ذلك حمل الثلث جازت الوصية ، إذا وهب المريض نجما للمكاتب أو تصدق أو [ ص: 307 ] أوصى له به ثم مات قوم ذلك النجم مع بقية النجوم بالنقد بقدر آجالها ، فيقدر حصة النجم منهما فيعتق الآن في رقبته ، ويوضع عنه النجم بعينه إن حمله في الثلث وإلا خير الوارث بين إجازة ذلك ، أو بتل محمل الثلث ، ويحط عنه من كل نجم بقدر ما أعتق منه لا من النجم المعين ; لأن الوصية قد حالت عن وجههما لامتناع الوارث : قال ابن يونس : إنما جعل في الثلث الأقل من قيمة النجم أو ما قابله من الرقبة ، كما لو أوصى له بجميع الكتابة بأن ينظر ما قيمة النجم فإن كان الربع فمقابله من الرقبة ، فينظر لقيمة الربع الرقبة وقيمة النجم ، قال أشهب : فإن لم يكن للسيد مال غير المكاتب ، وقد أدى له بالنجم الأول فسخ الوارث عليه ، فإن خرجت قيمته من قيمة باقي الكتابة من الثلث جاز على الوارث وضع النجم بعينه ، وإلا عتق منه محمله ، ووضع عنه بقدر ما يحمل الثلث فإن عجز عتق منه بقدر ذلك ، ولا يخير الوارث في ذلك ، لقدرتهم على منع سائر الكتابة ، ويخير ، قال مالك : وإن وهب الصحيح نصف الكتابة يعجز فله نصف الرقبة في البيع ، وكذلك بقية الأجزاء ، وقال ابن القاسم : بل جميع الرقبة للواهب كهبة ذلك للمكاتب ، قال ابن القاسم : إن وهبه نجما شاركه في النجوم كلها بقدر ذلك كبيعه ، فإنه يكون للمشتري خمس كل نجم إن كانت خمسة ، وإن عجز فله من الرقبة الخمس ، قال محمد : كان ذلك في صحة السيد أم لا : وإن وهبه نجما بعينه في صحته فلا يكون له شيء من الرقبة وإن عجز ; لأنه وهبه مالا ، قال محمد : وإن أوصى بنجم بعينه لرجل فعجز فله حصته من الرقبة ، والفرق بين الصحة والوصية : أنه في الوصية أشرك بينه وبين الورثة على قدر ما أوصى له من نفسه أو لرجل ، وليس أحدهما أولى من الآخر ، والصحيح إنما أعطي مالا فإن اقتضى الموصى له ذلك النجم المعين أو بعضه ثم عجز وقيمته من بقية النجوم نصف الكتابة ، فله نصف نصف رقبة العبد ، ولا يرد مما أخذ شيئا ، قاله أشهب ، وقال ابن القاسم إن رد ما أخذ العبد رجع نصيبه في رقبة العبد ، وإن لم يرد كان العبد للورثة ، قال : والأول هو الصواب ، وإن لم يقبض الموصى له النجم حتى [ ص: 308 ] مات المكاتب وترك مالا كثيرا أخذ صاحب النجم نجمه والورثة نجومهم على عدد المال لا على عدد القيمة ; لأن النجوم قد حلت بموته ، واستوى المتقدم والمتأخر فما فضل بعد ذلك بين الورثة وبين صاحب النجم نصفين بقدر ما كان يقع له من رقبة العبد لو عجز ، وإن لم يترك ما يفي بالكتابة حاص الموصى له والوارث في ذلك بالعدد لا قيم الأنجم ، قال ابن القاسم : إن قال الوارث : أدفع لك نجما كما أوصى ، وامتنع لك به الموصى له ، لعله يعجز فيكون له في الرقبة حق قدم الموصي له إن لم يحل النجم ، وإلا قدم الوارث ، قال محمد : إن أوصى بالنجم الأول ثم بالثاني لآخر ، وخرج المكاتب من الثلث عجز ، فللأول من رقبته بقدر فضل قيمة نجمه على الثاني ، وللثاني بقدر قيمة نجمه ، فإن قبض الأول نجمه ، ثم عجز قبل قبض الثاني فرقبته بينهما على ما تقدم ، والأول ما أقبض ، ولا يرجع عليه الثاني بشيء ، وإن كان ثم نجم ثالث للورثة فقبض صاحب النجمين نجميه ، ثم عجز فالعبد بينهما وبين الورثة على قدر قيمة النجم الأول والثاني ، ولا يرجع الورثة عليهما بشيء ، وعن ابن القاسم : إن ردا ما أخذا للمكاتب رجعا فيه بأنصبائهما ، وإلا فنصيبه منه للورثة ، قال : والصواب : ما تقدم فإن أوصى بالنجم الأخير قبل أن ينادى من الكتابة شيء فأخذ الورثة نجومهم وسلموا المكاتب للموصى له فعجز فرقبته له وللورثة بقدر قيمة نجمه من قيمة نجومهم ; لأنهم كانوا فيه شركاء بخلاف أن لو كان السيد أخذ نجوما إلا النجم الآخر ، فينقد له فعجز ، والرقبة كلها لهم ، وكأنه أوصى له بجميع الكتابة إذا كان ما بقي عليه لم يعتق لأجله ، ولا شركة لأحد فيه .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية