الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
15 - باب المساقاة

12087 - أخبرنا أبو سعيد قال: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لليهود حين افتتح خيبر: "أقركم فيها ما أقركم الله على أن الثمر بيننا وبينكم"، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث ابن رواحة فيخرص بينه وبينهم، ثم يقول: "إن شئتم فلكم، وإن شئتم فلي" . [ ص: 330 ]

12088 - وبإسناده قال: حدثنا الربيع قال: حدثنا الشافعي، إملاء قال: معنى قوله: "إن شئتم فلكم، وإن شئتم فلي" أن يخرص النخل كأنه خرصها مائة وسق وعشرة أوسق فقال: إذا صارت تمرا نقصت عشرة أوسق فصحت منها مائة وسق تمرا، فيقول: إن شئتم دفعت إليكم النصف الذي ليس لكم، الذي أنا فيه قيم بحق أهله، على أن تضمنوا لي خمسين وسقا تمرا يسميه بعينه ولكم أن تأكلوها، فتبيعوها رطبا وكيف شئتم، وإن شئتم فلي: أكون هكذا في نصيبكم فأسلم وتسلمون إلي أنصباءكم، وأضمن لكم هذه المكيلة.

12089 - قال أحمد: معنى هذا الذي ذكره الشافعي في تأويل الخبر قد رواه صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة في هذه القصة قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم: يبعث عبد الله بن رواحة يخرصها ثم يخيرهم أن يأخدوها أو يتركوها، وإن اليهود أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض ذلك، فشكوا إليه، فدعا عبد الله فقال عبد الله: يا رسول الله، هم بالخيار إن شاؤوا أخذوها وإن تركوها أخذناها، فرضيت اليهود، وقالت: بها قامت السماوات والأرض.

12090 - وروي ذلك في حديث مقسم، عن ابن عباس، بمعناه.

12091 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث قال: أخبرنا أبو محمد بن حبان قال: حدثنا عبدان، وأخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ قال حدثنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال: حدثنا يوسف بن يعقوب قالا: حدثنا عبد الواحد بن غياث [ ص: 331 ] قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: أخبرنا عبيد الله بن عمر، فيما يحسب أبو سلمة عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم: قاتل أهل خيبر حتى ألجأهم إلى قصرهم، فغلب على الأرض والزرع والنخل، فقالوا: يا محمد، دعنا نكون في هذه الأرض نصلحها، ونقوم عليها، ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ولا لأصحابه غلمان يقومون عليها، فأعطاهم خيبر على أن لهم الشطر من كل زرع ونخل ما بدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عبد الله بن رواحة يأتيهم فيخرصها عليهم، ثم يضمنهم الشطر، فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شدة خرصه، وأرادوا أن يرشوه فقال: " يا أعداء الله، تطعموني السحت، والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إلي، ولأنتم أبغض إلي من عدتكم، من القردة والخنازير، ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل بينكم، فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض.

12092 - لفظ حديث المقري، ولهذا شواهد مخرجة في الصحيحين، إلا أن حديث حماد، عن عبيد الله بن عمر أتم.

12093 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو بكر بن إسحاق إملاء قال: أخبرنا أبو المثنى، ومحمد بن أيوب قالا: حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى، عن عبيد الله قال: حدثني نافع، عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: عامل خيبر على شطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع . [ ص: 332 ] رواه البخاري في الصحيح، عن مسدد. ورواه مسلم، عن أحمد بن حنبل وغيره، عن يحيى القطان.

12094 - وأخبرنا أبو علي الروذباري قال: حدثنا أبو بكر بن داسة قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرزاق، ومحمد بن بكر قالا: حدثنا ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله، يقول: خرصها ابن رواحة أربعين ألف وسق، وزعم أن اليهود لما خيرهم ابن رواحة أخذوا التمر وعليهم عشرون ألف وسق ".

12095 - أخبرنا أبو سعيد قال: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي: أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم: المساقاة فأجزناها بإجازته، وحرم كراء الأرض البيضاء ببعض ما يخرج منها فحرمناها بتحريمه، ثم فرق بينهما بما يفترقان به ثم أجاز ذلك في البياض إذا كان بين أضعاف النخل.

12096 - ثم قال: ولولا الخبر فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه دفع إلى أهل خيبر النخل على أن لهم النصف من الزرع والنخل وله النصف، فكان الزرع كما وصفت بين ظهراني النخل لم يجز ".

[ ص: 333 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية