الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
46 - لا يبع بعضكم على بيع بعض

11486 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر، وأبو زكريا، قالوا: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يبع بعضكم على بيع بعض". أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.

11487 - أخبرنا أبو عبد الله ، وأبو بكر، وأبو زكريا، قالوا: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان، عن الزهري، عن ابن المسيب ، [ ص: 161 ] عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يبيع الرجل على بيع أخيه".

11488 - وبهذا الإسناد قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك، وسفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ولا يبع بعضكم على بيع بعض". أخرجاه في الصحيح من حديث مالك، وأخرجا حديث ابن المسيب في باب النجش.

11489 - قال الشافعي في رواية أبي عبد الله: فبهذا نأخذ، فننهى الرجل إذا اشترى من رجل سلعة فلم يتفرقا عن مقامهما الذي تبايعا فيه أن يبيع المشتري سلعة تشبهها؛ لأنه لعله يرد التي اشترى أولا؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل للمتبايعين الخيار ما لم يتفرقا، فيكون البائع الآخر قد أفسد على البائع الأول بيعه، ثم لعل البائع الآخر يختار نقض البيع، فيفسد على البائع والمبتاع بيعه.

11490 - قال: ولو كان البيع إذا عقداه لزمهما ما ضر البائع أن يبيعه رجل سلعة كسلعته، وبسط الكلام في شرحه.

11491 - قال الشافعي: فإذا باع على بيع أخيه في هذه الحال فقد عصى الله إذا كان عالما بالحديث فيه، والبيع لازم لا يفسد بدلالة الحديث نفسه، أرأيت لو كان البيع يفسد، هل كان ذلك يفسد على البائع الأول؟ بل كان ينفعه.

11492 - قال الشافعي: وقد روي، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يسوم أحدكم على سوم أخيه". فإن كان ثابتا ولست أحفظه ثابتا فهو مثل: "لا يخطب أحدكم [ ص: 162 ] على خطبة أخيه، ولا يسوم على سومه"، إذا رضي البائع وأذن بأن يباع قبل البيع، حتى لو بيع لزمه.

11493 - قال: ورسول الله صلى الله عليه وسلم باع فيمن يزيد، وبيع من يزيد: سوم رجل على سوم أخيه، ولكن البائع لم يرض السوم الأول حتى طلب الزيادة.

11494 - قال أحمد: قد ثبت هذا الحديث من حديث أبي حازم، وأبي صالح، وغيرهما، عن أبي هريرة، وخالفهم سعيد بن المسيب، وعبد الرحمن الأعرج، وأبو سعيد مولى عامر بن كريز وغيرهم، عن أبي هريرة، فروي على اللفظ الأول، ولم يجمع بين اللفظين في حديث واحد كما أعلم إلا عمرو الناقد. فإنه رواه، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تناجشوا، ولا يبيع أحدكم على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبته، ولا يسوم الرجل على سوم أخيه، ولا يبع حاضر لباد، ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفئ ما في صحفتها، ولتنكح، فإن رزقها على الله". أخبرناه محمد بن عبد الله الحافظ قال: أخبرني أبو عمرو بن أبي جعفر قال: أخبرنا أبو يعلى قال: حدثنا عمرو بن محمد الناقد قال: حدثنا سفيان، فذكره. رواه مسلم في الصحيح، عن عمرو الناقد.

11495 - واختلف فيه على محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، وعلى العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه، عن أبي هريرة، فقيل بلفظ البيع، وقيل بلفظ السوم، ويشبه أن يكون كلاهما محفوظا كما رواه عمرو الناقد، أو يكون الحديث في الأصل في البيع، ومن رواه بلفظ السوم أتى به على المعنى الذي وقع له، فقد رواه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: في البيع على بيع بعض، ورواه عقبة بن عامر في الابتياع على بيع أخيه حتى يذر.

[ ص: 163 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية