الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
39 - باب الشرط الذي يفسد البيع

11421 - أخبرنا أبو زكريا قال: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة في قصة بريرة قال: ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "أما بعد، فما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرطه أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق". مخرج في الصحيحين.

11422 - قال الشافعي في كتاب اختلاف العراقيين: وإذا باع الرجل الرجل العبد على أن لا يبيعه أو على أن يبيعه من فلان، أو على أن لا يستخدمه، فالبيع فاسد، ولا يجوز الشرط في هذا إلا في موضع واحد وهو العتق، اتباعا للسنة، ولفراق العتق لما سواه.

[ ص: 143 ] 11423 - وكأنه أراد ما أخبرنا أبو بكر قال: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر، عن عائشة، أنها أرادت أن تشتري جارية فتعتقها، فقال أهلها: نبيعكها على أن ولاءها لنا، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يمنعك ذلك، إنما الولاء لمن أعتق". أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.

11424 - أخبرنا أبو سعيد قال: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي: " ولا يجوز أن يبيع الرجل الشاة ويستثني شيئا جلدا ولا غيره في سفر ولا حضر، ولو كان الحديث يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في السفر، أجزناه في السفر والحضر، فإن تبايعا على هذا فالبيع باطل.

11425 - وقال في مختصر البويطي والربيع في الإجارات: وكل شرط في بيع على أن لا يقبض اليوم فلا يجوز إلا أن يصح حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم في الشرط في البيع ".

11426 - وأخبرنا أبو سعيد قال: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي فيما بلغه عن ابن مهدي، عن سفيان الثوري، عن نسير بن ذعلوق، عن عمرو بن راشد الأشجعي، أن رجلا باع نجيبة، أو قال: أنجبة، أنا أشك، واشترط ثنياها فرغب منها، فاختصما إلى عمر، فقال: اذهبا بها إلى علي، فقال علي: "اذهبا بها إلى السوق، فإذا بلغت أقصى ثمنها، فأعطوه حساب ثنياها من ثمنها".

11427 - قال الشافعي: وليسوا يقولون بهذا، وهم يثبتونه عن علي، وهذا أورده على طريق الإلزام فيما خالفوا عليا، وثنياها: قوائمها ورأسها . [ ص: 144 ] أخبرنا أبو سعيد، أخبرنا أبو العباس، أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي فيما بلغه، عن ابن مهدي، عن سفيان الثوري، عن نسير بن ذعلوق، عن عمرو بن راشد الأشجعي، فذكره.

11428 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا زكريا بن أبي زائدة، ح.

11429 - قال: وأخبرني أبو الوليد قال: حدثنا الحسن بن سفيان قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثني أبي قال: حدثنا زكريا، عن عامر قال: حدثني جابر، أنه كان يسير على جمل له قد أعيا، فأراد أن يسيبه قال: فلحقني النبي صلى الله عليه وسلم فدعا لي وضربه فسار سيرا لم يسر مثله، فقال: "بعنيه بأوقية"، قلت: لا، ثم قال: "بعنيه"، فبعته بأوقية، واستثنيت عليه حملانه إلى أهلي، فلما بلغت أتيته بالجمل فنقد لي ثمنه، ثم رجعت فأرسل في أثري، فقال: "أتراني ماكستك لآخذ جملك، خذ جملك ودراهمك فهو لك". رواه البخاري في الصحيح، عن أبي نعيم، عن زكريا، ورواه مسلم، عن محمد بن عبد الله بن نمير.

11430 - وهذا الحديث قد اختلف في ألفاظه، فمنها ما يدل على الشرط، ومنها ما يدل على أن ذلك كان من النبي صلى الله عليه وسلم تفضلا ومعروفا بعد البيع.

11431 - فمن ذلك رواية شعبة، عن مغيرة، عن عامر الشعبي ، [ ص: 145 ] عن جابر قال: "بعت النبي صلى الله عليه وسلم جملا وأفقرني ظهره إلى المدينة". وقال أبو الزبير، عن جابر: "أفقرناك ظهره إلى المدينة".

11432 - وقد ذكرناها في كتاب السنن.

11433 - والإفقار: إنما هو إعارة الظهر للركوب.

11434 - وقوله في آخر الحديث: "أتراني ماكستك لآخذ جملك" يدل على أنه لم يكن من عزمه أن يكون ذلك عقدا لازما، والله أعلم.

[ ص: 146 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية