الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4 - تفسير بيع الخيار

10995 - أخبرنا أبو سعيد، حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي: واحتمل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بيع الخيار معنيين: أظهرهما عند أهل العلم باللسان وأولاهما بمعنى السنة والاستدلال بها والقياس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذ جعل الخيار للمتبايعين، والمتبايعان اللذان عقدا البيع حتى يتفرقا إلا بيع الخيار، فإن الخيار إذا كان لا ينقطع بعد عقد البيع في السنة حتى يتفرقا، وتفرقهما هو أن يتفرقا عن مقامهما الذي تبايعا فيه كان بالتفرق أو بالتخيير، وكان موجودا في اللسان.

10996 - والقياس إذا كان البيع يجب بشيء بعد البيع وهو الفراق أن يجب بالثاني بعد البيع، فيكون إذا خير أحدهما صاحبه بعد البيع كان الخيار، والاختيار تجديد شيء يوجبه، كما كان التفرق تجديد شيء يوجبه، ولو لم يكن فيه سنة بينة بمثل ما ذهبت إليه كان ما وصفنا أولى المعنيين أن يؤخذ به لما وصفت من القياس.

10997 - مع أن سفيان بن عيينة أخبرنا، عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه قال: " خير رسول الله صلى الله عليه وسلم: رجلا بعد البيع، فقال الرجل: عمرك الله، ممن أنت؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "امرؤ من قريش" قال: فكان أبي يحلف: ما الخيار إلا بعد البيع " .

[ ص: 23 ] 10998 - قال الشافعي: وبهذا نقول.

10999 - أخبرناه أبو بكر، وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، قال الشافعي: أخبرنا سفيان، فذكره.

11000 - وقد روينا، عن أبي الزبير، عن جابر، موصولا أن النبي صلى الله عليه وسلم: اشترى من أعرابي حمل خبط، فلما وجب البيع قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "اختر".

11001 - وروينا في الحديث الثابت عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، أو يقول أحدهما لصاحبه: اختر ".

11002 - وفي رواية ابن علية، عن أيوب: حتى يتفرقا أو يكون بيع خيار قال: وربما قال نافع، أو يقول أحدهما للآخر: اختر. قال الشافعي: في رواية أبي سعيد: وقد قال بعض أصحابنا: يجب البيع بالتفرق بعد الصفقة، ويجب بأن يعقد الصفقة على خيار، وذلك أن يقول الرجل لك بسلعتك كذا بيعا خيارا، فتقول: قد اخترت البيع.

11003 - قال الشافعي: "ولسنا نأخذ بهذا، وقولنا الأول أن لا يجب البيع إلا بتفرقهما أو يخير أحدهما صاحبه بعد البيع فيختار".

[ ص: 24 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية