الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
25 - باب بيع العرايا

11263 - أخبرنا أبو عبد الله، وأبو بكر، وأبو زكريا، وأبو سعيد، قالوا: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم: "نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه، وعن بيع الثمر بالتمر".

11264 - قال: عبد الله: وحدثنا زيد بن ثابت، أن النبي صلى الله عليه وسلم، "أرخص في بيع العرايا"، رواه مسلم في الصحيح، عن زهير بن حرب، عن سفيان.

11265 - ورواه عقيل، عن ابن شهاب، عن سالم، أنه قال: وأخبرني عبد الله، عن زيد بن ثابت، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنه أرخص بعد ذلك في بيع العرية بالرطب أو التمر، ولم يرخص في غير ذلك" . [ ص: 99 ] أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا ابن بكير قال: حدثنا الليث قال: حدثني عقيل فذكره. رواه البخاري في الصحيح، عن ابن بكير، وأخرجه مسلم، من وجه آخر عن الليث.

11266 - أخبرنا أبو عبد الله، وأبو بكر، وأبو زكريا، وأبو سعيد، قالوا: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، عن زيد بن ثابت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها". رواه البخاري في الصحيح، عن القعنبي.

11267 - ورواه مسلم، عن يحيى بن يحيى، كلاهما عن مالك، وزاد يحيى بن يحيى في روايته: "بخرصها من التمر".

11268 - ورواه يحيى بن سعيد، عن نافع، بإسناده قال: " رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن تباع العرايا بخرصها تمرا ".

11269 - أخبرنا أبو بكر، وأبو زكريا، وأبو سعيد، قالوا: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن إسماعيل الشيباني، أو غيره قال: بعت ما في رؤوس نخلي بمائة وسق، إن زاد فلهم، وإن نقص فعليهم . [ ص: 100 ] فسألت ابن عمر فقال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا، إلا أنه أرخص في بيع العرايا".

11270 - ورواه الزعفراني والمزني، عن الشافعي، وقالا: عن إسماعيل الشيباني لم يشكا.

11271 - أخبرناه أبو إسحاق قال: أخبرنا أبو النضر قال: أخبرنا أبو جعفر قال: حدثنا المزني قال: حدثنا الشافعي، فذكره. إلا أنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمرة بالتمر، إلا أنه رخص في العرايا".

11272 - أخبرنا أبو عبد الله، وأبو بكر، وأبو زكريا، وأبو سعيد، قالوا: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك، عن داود بن الحصين، عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم: "أرخص في بيع العرايا فيما دون خمسة أوسق أو في خمسة أوسق" شك داود، وقال: في خمسة أوسق أو دون خمسة أوسق. رواه مسلم في الصحيح، عن القعنبي، ويحيى بن يحيى، عن مالك.

11273 - أخبرنا أبو سعيد قال: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي: وقيل لمحمود بن لبيد، أو قال محمود بن لبيد لرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، إما زيد بن ثابت وإما غيره: ما عراياكم هذه؟ قال: فلان وفلان، وسمى رجالا محتاجين من الأنصار شكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: أن الرطب يأتي ولا نقد بأيديهم يبتاعون به رطبا يأكلونه مع الناس، وعندهم فضول من قوتهم من التمر، فرخص لهم أن يبتاعوا العرايا بخرصها من التمر الذي في أيديهم يأكلونها رطبا " . [ ص: 101 ] هكذا حكاه في كتاب البيوع.

11274 - وأخبرنا أبو عبد الله في كتاب اختلاف الأحاديث للشافعي قال: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: والعرايا التي أرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم: فيها فيما ذكر محمود بن لبيد قال: سألت زيد بن ثابت فقلت: فما عراياكم هذه التي تحلونها؟ فذكر معنى ما حكاه في البيوع.

11275 - قال الشافعي: وحديث سفيان يدل على مثل هذا الحديث.

11276 - أخبرنا أبو عبد الله، وأبو بكر، وأبو زكريا، وأبو سعيد، قالوا: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار قال: سمعت سهل بن أبي حثمة، يقول: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمر بالتمر، إلا أنه أرخص في العرية أن تباع بخرصها تمرا، يأكلها أهلها رطبا".

11277 - أخرجه البخاري، ومسلم في الصحيح، من حديث سفيان. ورواه سليمان بن بلال، عن يحيى، وقال فيه: إلا أنه رخص في بيع العرية النخلة والنخلتين يأخذها أهل البيت بخرصها تمرا يأكلونها رطبا.

11278 - أخبرنا أبو بكر، وأبو زكريا، وأبو سعيد، قالوا: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم: "نهى عن المزابنة". والمزابنة: بيع الثمر بالتمر إلا أنه أرخص في العرايا ، [ ص: 102 ] أخرجاه في الصحيح، من حديث سفيان.

11279 - أخبرنا أبو عبد الله قال: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي: فأثبتنا التحريم محرما عاما في كل شيء من صنف واحد مأكول، بعضه جزاف وبعضه مكيل للمزابنة، وأحللنا العرايا خاصة بإحلاله من الجملة التي حرم، ولم يبطل أحد الخبرين بالآخر، ولم يجعله قياسا عليه قال: فما وجه هذا؟ قلت: يحتمل وجهين: أولاهما به عندي والله أعلم: أن يكون ما نهى عنه جملة إرادته ما سوى العرايا، ويحتمل أن يكون رخص فيها بعد دخولها في جملة النهي، وأيهما كان فعلينا طاعته بإحلال ما أحل وتحريم ما حرم.

11280 - وأخبرنا أبو سعيد قال: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي: وقوله صلى الله عليه وسلم: "يأكلها أهلها رطبا" خبر أن مبتاع العرية يبتاعها ليأكلها، وذلك يدل على أن لا رطب له في موضعها يأكله غيرها، ولو كان صاحب الحائط هو المرخص له أن يبتاع العرية ليأكلها كان له حائطه معها أكثر من العرايا يأكل من حائطه، وليس عليه ضرر إلى ابتياع العرية التي هي داخلة في معنى ما وصفت من النهي.

11281 - قال الشافعي: ونهي النبي صلى الله عليه وسلم أن تباع العرايا إلا في خمسة أوسق أو دونها، دلالة على ما وصفت من أنه إنما رخص فيها لمن لا يحل له، ولو كان كالبيوع غيره كان بيع خمسة ودونها وأكثر منها سواء، ولو كان صاحب الحائط المرخص له خاصة لأذى الداخل عليه الذي أعراه كان أذى الداخل عليه في أكثر من خمسة أوسق مثل أو أكثر من أذاه فيما دون خمسة أوسق . [ ص: 103 ]

11282 - وبسط الكلام في شرحه. قال في رواية أبي عبد الله: والعرايا أن يشتري الرجل ثمر النخلة أو أكثر بخرصه من التمر، يخرص الرطب رطبا ثم يقدر كم ينقص إذا يبس، ثم يشتري بخرصه تمرا، فإن تفرقا قبل أن يتقابضا فسد البيع.

11283 - قال في رواية أبي سعيد: والعرايا ثلاثة أصناف، هذا الذي وصفنا أحدها، وجماع العرايا كل ما أفرد ليأكله خاصة، ولم يكن في جملة البيع من ثمر الحائط إذا بيعت جملته من واحد، ثم ذكر في الصنف الثاني أن يعري الرجل ثمر نخلة أو نخلتين وأكثر يأكلها في معنى المنحة من الغنم، وذكر في الصنف الثالث أن يعريه النخلة وأكثر من حائطه فتكون هذه مفردة من المبيع منه جملة. وبسط الكلام في شرح ذلك.

[ ص: 104 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية