الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ثالثا: القيم الدلالية في طريقة ترتيب مكونات الجملة:

تشمل القيم الاستبدالية الاستبدال على مستوى إعادة ترتيب مفردات الجملة، فالعرب تقدم الأهم على المهم، ومن أجل ذلك قد يتقدم المسند إليه على المسند، خلافا للأصل، وذلك لمقتضى دلالي، وهذا علم واسع يدخل في فن ترتيب الجمل، وله في لغة الخطاب الدعوي شواهد ومقامات لا تخفى، يأتي منها أسلوب التقديم والتأخير، والحذف والذكر.. وعلى ذلك يترتب مفاهيم فكرية، ودلالية، ولياقة أدبية، ليس بالداعية عن معرفتها غنى.

ولنمهد لذلك بهذه الأمثلة: قال تعالى: ( إياك نعبد وإياك نستعين ) (الفاتحة:5) ، فهنا تقدم الضمير على الفعل، وقد أفاد ذلك قصر العبادة وقصر الاستعانة على الله، بخلاف لو كانت (نعبدك ونستعين بك) فهذا لا يفيد قصر العبادة على الله، ولا يمنع منها عبادة غيره، ومثل الآية السابقة: ( .. وإياي فارهبون ) (البقرة40:) ( وإياي فاتقون ) (البقرة:41) ، ( فإياي فاعبدون ) (العنكبوت:56).

و مجالات التقديم والتأخير الجائز يشمل مظاهر البناء بشكل عام، من ذلك الجمل المبدوءة بهمزة الاستفهام، كهذا المثال التوضيحي قولك: (أأنت عراقي كردي؟) غير قولك: (أأنت كردي عراقي؟) ففي المثال الأول السؤال عن عراقيته، من أي الأقوام: (عراقي كردي؟ عراقي عربي؟ عراقي آشوري؟) فقدم العراق في السؤال، وفي الثاني السؤال عن كرديته، من أي الأكراد (كردي عراقي ؟ كردي إيراني؟ كردي تركي ..إلخ). [ ص: 58 ]

وقولك: (أبنيت الدار؟) غير قولك (أأنت بنيت الدار؟) فالجملة الأولى، السؤال عن فعل البناء، فقدم الفعل، وفي الجملة الثانية السؤال عن فاعل البناء، بعد فعل البناء فتقدم، ولا يصح أن يحل أحدهما محل الآخر في تأدية المعنى.

قال عبد القاهر الجرجاني، في قوله تعالى: ( قل أغير الله أتخذ وليا ) (الأنعام:14): "حصل بالتقديم معنى قولك: أيكون غير الله بمثابة من يتخذ وليا؟ وأيرضى عاقل من نفسه أن يفعل ذلك؟ وأيكون جهل أجهل وعمى أعمى من ذلك؟ ولا يكون شيء من ذلك إذا قيل: (أأتخذ غير الله وليا) وذلك لأنه حينئذ يتناول الفعل أن يكون فقط ولا يزيد عليه" [1] .

ونذكر في سياق الحديث عن الأساليب الدعوية ما يأتي:

التالي السابق


الخدمات العلمية