الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وتصح للحمل ، إذا علم أنه كان موجودا حين الوصية ) هذا بلا نزاع . لكن هل الوصية له تعلق على خروجه حيا وهو اختيار القاضي ، وابن عقيل في بعض كلامه ، أو يثبت الملك له من حين موت الموصي وقبول الولي له ؟ . واختار ابن عقيل أيضا في بعض كلامه فيه وجهان . [ ص: 227 ] وصرح أبو المعالي ابن منجا بالثاني ، وقال : ينعقد الحول عليه من حين الملك إذا كان مالا زكويا . وكذلك في المملوك بالإرث . وحكى وجها آخر : أنه لا يجري في حول الزكاة ، حتى يوضع . للتردد في كونه حيا مالكا كالمكاتب .

قال في القواعد : ولا يعرف هذا التفريع في المذهب

قوله ( بأن تضعه لأقل من ستة أشهر ، إن كانت ذات زوج ، أو سيد يطؤها ، أو لأقل من أربع سنين ، إن لم تكن كذلك ، في أحد الوجهين ) . يعني : إن لم تكن ذات زوج ، ولا سيد يطؤها . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، وشرح ابن منجا ، والفروع ، والفائق .

أحدهما : تصح الوصية له إذا وضعته لأقل من أربع سنين بالشرط المتقدم . وهو المذهب .

قال في الوجيز : وتصح لحمل تحقق وجوده قبلها . وصححه في التصحيح وجزم به في الكافي ، والمغني ، والشرح . وقدمه في الخلاصة .

والوجه الثاني : لا تصح الوصية . لأنه مشكوك في وجوده . ولا يلزم من لحوق النسب صحة الوصية . ويأتي كلامه في المحرر وغيره تنبيهان

أحدهما : لأقل من ستة أشهر إن كانت ذات زوج أو سيد يطؤها . وكذا قال في المغني ، وجماعة . وقال القاضي في المجرد ، وابن عقيل في الفصول : إن أتت به لدون ستة [ ص: 228 ] أشهر من حين الوصية صحت ، سواء كانت فراشا أو بائنا . لأنا نتحقق وجوده حال الوصية . قال الحارثي : وهو الصواب ، جزما . وهو كما قال .

الثاني : قوله " أو لأقل من أربع سنين " هذا بناء منه على أن أكثر مدة الحمل أربع سنين . وهو المذهب ، على ما يأتي في كلام المصنف مصرحا به في أول كتاب العدد .

وأما إذا قلنا : إن أكثر مدة الحمل : سنتان ، فبأن تضعه لأقل من سنتين . والشارح رحمه الله جعل الوجهين اللذين ذكرهما المصنف مبنيان على الخلاف في أكثر مدة الحمل .

والأولى : أن الخلاف في صحة الوصية وعدمها . وعليه شرح ابن منجا . وهو الصواب . فائدة :

قال المصنف وغيره : فإن كانت فراشا لزوج أو سيد ، إلا أنه لا يطؤها لكونه غائبا في بلد بعيد ، أو مريضا مرضا يمنع الوطء ، أو كان أسيرا ، أو محبوسا ، أو علم الورثة أنه يطؤها ، أو أقروا بذلك : فإن أصحابنا لم يفرقوا بين هذه الصورة وبين ما إذا كان يطؤها .

قال المصنف : ويحتمل أنها متى أتت به في هذه الحال ، أو وقت يغلب على الظن أنه كان موجودا حال الوصية مثل أن تضعه لأقل من غالب مدة الحمل أو تكون أمارات الحمل ظاهرة ، أو أتت به على وجه يغلب على الظن أنه كان موجودا بأمارات الحمل ، بحيث يحكم لها بكونها حاملا : صحت الوصية له . انتهى . قلت : وهذا هو الصواب . وجزم به في الكافي . [ ص: 229 ] قال الزركشي : وجزم به في المغني . وليس كذلك . وقد تقدم لفظه . قال في الرعاية الكبرى : ولا تصح الوصية للحمل ، إلا أن تضعه لدون ستة أشهر من حين الوصية . وقيل : إذا ما وضعته بعدها لزوج أو سيد ولم يلحق نسبه إلا بتقدير وطء قبل الوصية : صحت له أيضا . انتهى . وقال في الفروع : فإن أتت به لأكثر من ستة أشهر ولا وطء فوجهان . ما لم يجاوز أكثر مدة الحمل . وقال في الرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير ، والفائق : ولا تصح وصية لحمل إلا أن يولد حيا قبل نصف سنة منذ وصى له . وإن ولد بعدها قبل أكثر مدة الحمل ما لم يلحق الواطئ نسبه إلا بوطء قبل الوصية : صحت ، وإلا فلا . وإن ولد لأكثر مدة الحمل فأقل ، ولا وطء إذا : فوجهان . وقال في الكبرى : ولا تصح له إلا أن يولد حيا قبل نصف سنة منذ الوصية . وإن ولد بعدها قبل أكثر مدة الحمل إذا لم يلحق فلا تصح الوصية له . وإن كانت بائنا فكذلك .

وقيل : لا تصح الوصية ، وإن ولدته بعد أكثر مدة الحمل من حين الفرقة وأكثر من ستة أشهر من حين الوصية لم يلحقه . فلا تصح الوصية له . وإن ولدته لأقل من أربع سنين منذ الفرقة لحقه . وصحت . وإن وصى لحمل من زوج أو سيد يلحقه : صحت . وإن كان منفيا بلعان ، أو بدعوى الاستبراء فلا . وإن كانت فراشا لزوج أو سيد ، وما يطؤها لبعد ، أو مرض ، أو أسر ، أو حبس لحقه وصحت الوصية . [ ص: 230 ] وقيل : وكذا إن وطئها . ويحتمل أن يلحقه إن ظننا أنه كان موجودا حين الوصية . انتهى .

تنبيه :

قول المصنف " لأقل من ستة أشهر ، ولأقل من أربع سنين " وكذا قال الأصحاب . قال ابن منجا في شرحه : ولم يذكر المصنف " بأن تضعه لستة أشهر ، أو لأربع سنين " ولا بد منها . فإنها إذا وضعته لستة أشهر ، أو لأربع سنين : علم أيضا أنه كان موجودا . لاستحالة أن يولد ولد لأقل من ستة أشهر . وتبع في ذلك المصنف في المغني . والصواب : ما قاله المصنف هنا والأصحاب . ولذلك قال الزركشي : انعكس على ابن منجا الأمر . انتهى . فائدتان

إحداهما : لو وصى لحمل امرأة ، فولدت ذكرا وأنثى : تساويا في ذلك . وأما الوصية بالحمل : فتأتى في كلام المصنف في أول باب الموصى به .

الثانية : لو قال " إن كان في بطنك ذكر : فله كذا . وإن كان أنثى : فكذا " فكان فيه ذكر وأنثى ، فلهما ما شرط . ولو كان قال " إن كان ما في بطنك ذكر : فله كذا ، وإن كان ما في بطنك أنثى : فله كذا " فكان فيه ذكر وأنثى : فلا شيء لهما . قاله في الفروع . وإن كان خنثى في المسألة الأولى فقال في الكافي : له ما للأنثى حتى يتبين أمره

التالي السابق


الخدمات العلمية