الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
37 - باب الرجل يبيع الشيء إلى أجل ثم يشتريه بأقل

11395 - أخبرنا أبو عبد الله، وأبو سعيد قالا: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي: " ومن باع سلعة من السلع إلى أجل وقبضها المشتري فلا بأس أن يبيعها من الذي اشتراها منه بأقل من الثمن وأكثر أو دين ونقد؛ لأنها بيعة غير البيعة الأولى . [ ص: 136 ]

11396 - وقال بعض الناس: لا يشتريها البائع بأقل من الثمن، وزعم أن القياس أن ذلك جائز، ولكنه زعم تبع الأثر، ومحمود منه أن يتبع الأثر الصحيح، فلما سئل عن الأثر إذا هو: أبو إسحاق، عن امرأته عالية بنت أيفع أنها دخلت مع امرأة أبي السفر على عائشة، فذكرت لعائشة بيعا باعته من زيد بن أرقم بكذا أو كذا إلى العطاء، ثم اشترته منه بأقل من ذلك نقدا، فقالت عائشة: بئس ما شريت، وبئس ما اشتريت، أخبري زيد بن أرقم أن الله عز وجل أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب.

11397 - قال الشافعي: فقيل له: أيثبت هذا الحديث عن عائشة؟ فقال: أبو إسحاق رواه عن امرأته. قيل: فتعرف امرأته بشيء يثبت به حديثها؟ فما علمته قال شيئا، فقلت له: ترد حديث بسرة بنت صفوان مهاجرة معروفة بالفضل بأن تقول حديث امرأة، وتحتج بحديث امرأة ليست عندك منها معرفة أكثر من أن زوجها روى عنها.

11398 - زاد أبو سعيد في روايته: قال الشافعي: قد تكون عائشة لو كان هذا ثابتا عنها عابت عليه بيعا إلى العطاء؛ لأنه أجل غير معلوم.

11399 - قال: ولو اختلف بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في شيء كان أصل ما نذهب إليه أنا نأخذ بقول الذي معه القياس، والذي معه القياس قول زيد بن أرقم.

11400 - وجملة هذا أنا لا نثبت مثله على عائشة، وزيد بن أرقم لا يبيع إلا ما يراه حلالا ولا يبتاع إلا مثله، ولو أن رجلا باع شيئا أو ابتاعه نراه نحن محرما وهو يراه حلالا لم يزعم أن الله عز وجل يحبط به من عمله شيئا " . [ ص: 137 ]

11401 - قال أحمد: وهذا الأثر قد رواه أيضا يونس بن أبي إسحاق، عن أمه العالية بنت أيفع أنها دخلت مع أم محبة على عائشة، والعالية هذه لم يرو عنها غير زوجها وابنها.

11402 - وروينا عن ابن عمر، وشريح أنهما لم يريا بذلك بأسا.

11403 - أخبرنا أبو بكر، وأبو زكريا، وأبو سعيد، قالوا: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم قال: سمعت عبد الله بن عباس، ورجل يسأله عن رجل سلف في سبايب فأراد أن يبيعها قبل أن يقبضها، فقال ابن عباس: لك الورق، وكره ذلك ".

11404 - قال الربيع: سبائك.

11405 - قال مالك: ذلك فيما نرى لأنه أراد أن يبيعها من صاحبها للذي اشتراها منه بأكثر من الثمن الذي ابتاعها به، ولو باعها من غير الذي اشتراها منه لم يكن ببيعه بأس.

11406 - قال الشافعي في رواية أبي سعيد: وليس هذا قول ابن عباس، ولا تأويل حديثه.

11407 - ثم روى حديث ابن عباس في النهي عن بيع الطعام حتى يقبض، وقول ابن عباس برأيه: ولا أحسب كل شيء إلا مثله، ثم قال: بقول ابن عباس نأخذ؛ لأنه إذا باع شيئا واشتراه قبل أن يقبضه فقد باع مضمونا له على غيره [ ص: 138 ] بأصل البيع، وأكل ربح ما لم يضمن، وخالفتموه فأجزتم بيع ما لم يقبض سوى الطعام من غير صاحبه الذي ابتيع منه، ولا أعلم بين صاحبه الذي ابتيع منه وبين غيره فرقا. وبسط الكلام فيه.

11408 - قال أحمد: هو عن مالك:

11409 - سبايب: والسبايب: المقانع.

[ ص: 139 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية