الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ولا يجوز لواهب أن يرجع في هبته ، إلا الأب ) هذا المذهب . نص عليه . وعليه جماهير الأصحاب . وصححه في الرعاية الكبرى . قال الزركشي : هذا المشهور . وعنه : ليس له الرجوع . قدمه في الرعايتين . [ ص: 146 ] وعنه : له الرجوع ، إلا أن يتعلق به حق ، أو رغبة . نحو أن يتزوج الولد أو يفلس . وكذا لو فعل الولد ما يمنع التصرف مؤبدا أو مؤقتا . وجزم بهذه الرواية في الوجيز . واختاره الشارح ، وابن عبدوس في تذكرته ، وابن عقيل ، وابن البنا ، والمصنف ذكره الحارثي ، والشيخ تقي الدين . وقال : يرجع فيما زاد على قدر الدين ، أو الرغبة . وأطلقهما في المذهب ، ومسبوك الذهب . وأطلق الأولى والثالثة : في المغني ، والمحرر ، والشرح ، والنظم . وقيل : إن وهب ولديه شيئا ، فاشترى أحدهما من الآخر نصيبه : ففي رجوعه في الكل وجهان .

وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله : ليس للأب الكافر أن يرجع في عطيته ، إذا كان وهبه في حال الكفر ، وأسلم الولد . فأما إذا وهبه حال إسلام الولد ، فقياس المذهب : الجواز . ولا يقر في يده . وفيه نظر . انتهى . وقال أبو حفص العكبري : تحصيل المذهب : أنه يرجع فيما وهب لابنه . ولا يرجع فيما كان على وجه الصدقة . واختاره ابن أبي موسى . وقد صرح القاضي ، والمصنف ، وغيرهما : بأنه لا فرق بين الصدقة وغيرها . وهو ظاهر كلام جماعة . انتهى .

تنبيه : قوله ( أو يفلس ) . وكذا قال أبو الخطاب ، وغيره . قال الحارثي : والصواب أنه مانع من غير خلاف كما في الرهن ، ونحوه . وبه صرح في المغني ، وصاحب المحرر ، وغيرهما . انتهى . [ ص: 147 ] وعن الإمام أحمد رحمه الله في المرأة تهب زوجها مهرها إن كان سألها ذلك رده إليها ، رضيت أو كرهت . لأنها لا تهب إلا مخافة غضبه أو إضراره بها بأن يتزوج عليها . نص عليه في رواية عبد الله . وجزم به في المنور ، ومنتخب الأدمي . قال في الرعاية الصغرى : وترجع المرأة فيما وهبت لزوجها بمسألته . على الأصح . واختاره ابن عبدوس في تذكرته . وجزم به في القواعد الفقهية ، في القاعدة الخمسين بعد المائة . فالمصنف قدم هنا عدم رجوعها إذا سألها . وهو ظاهر كلام الخرقي ، وكثير من الأصحاب . جزم به في الكافي ، والجامع الصغير ، وابن أبي موسى ، وأبو الخطاب . واختاره الحارثي . وهو اختيار أبي بكر وغيره . وقدمه في الحاوي الصغير ، والنظم ، وفصول ابن عقيل .

قلت : الصواب عدم الرجوع إن لم يحصل فيه ضرر ، من طلاق وغيره ، وإلا فلها الرجوع . وأطلقهما في المغني ، والمحرر ، والرعاية الكبرى ، والفروع .

تنبيه : ظاهر كلام المصنف : أنها لا ترجع إذا وهبته من غير سؤال منه . وهو صحيح . وهو المذهب . وهو ظاهر كلام الخرقي ، وغيره . واختاره أبو بكر وغيره . وقدمه في الفروع وغيره . وقاله القاضي في كتاب الوجهين ، وصاحب التلخيص ، وغيرهما . [ ص: 148 ] وقيل : لها الرجوع . وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله . أطلقهما في المغني ، والشرح والرعاية الكبرى . وقيل : إن وهبته لدفع ضرر فلم يندفع ، أو عوض ، أو شرط ، فلم يحصل : رجعت وإلا فلا .

التالي السابق


الخدمات العلمية