الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            معلومات الكتاب

            ظاهرة التطرف والعنف (من مواجهة الآثار إلى معالجة الأسباب) [الجزء الأول]

            نخبة من الباحثين

            ثانيا: علاج العنف الأسري على المستوى العملي الميداني:

            أما على المستوى العملي الميداني، فمجال العمل فيه فسيح، وآثاره عظيمة، ويمكن تقسيم المستوى العملي الميداني إلى ما يلي:

            1- على مستوى التشريعات القانونية:

            - إنشاء محاكم خاصة تعنى بمشكلات العنف الأسري، وذلك تسريعا للحسم في القضايا العائلية، ومراعاة لحساسية وخصوصية المشاكل الأسرية.

            - سن تشريعات واضحـة وقوانين رادعة تحـول دون وقوع العنف الأسري، أو على الأقل دون تكراره والتمادي فيه.

            - سن قوانين وقائية لمحاصرة العنف الأسري، ووضع تدابير استعجالية للتدخل السريع عند وقوعه.

            2- على مستوى المؤسسات الرسمية:

            - إنشاء مركز وطني لحماية الأسرة من العنف، يتسـنى له متابعة المشاكل التي لها علاقة بالعنف الأسري، ورصد الحالات والمظاهر التي تمثله، [ ص: 157 ] وإعداد التقارير والدراسات الإحصائية عنه. وعلى المركز أن يقوم بوضع اسـتراتيجية وطنيـة عملية للتعـامـل مع حالات العنف الأسري، يستعين فيها بالجهات المختصة من مؤسسات الدولة والمراكز البحثية في الجامعات ومراكز وجمعيات المجتمع المدني للحد من تفشي ظاهرة العنف الأسري.

            - إنشاء دار لرعاية ضحايا العنف الأسري تتكفل بهم ريثما تتم إجراءات التحقيق والمعالجة؛ دار تستوعب الحالات الخطيرة لاسيما تلك المتعلقة بالاعتداء الجنسي والضرب المبرح ومحاولات التعذيب والقتل.

            - إيجاد مراكز للرعاية الاجتماعية والنفسية توظف عددا من الاختصاصيين في مجال علم النفس والصحة النفسية والخدمة الاجتماعية تقوم بمساعدة الأولياء على حل المشكلات النفسية والسلوكية لأبنائهم.

            3- على المستوى الأكاديمي:

            - عقد ملتقيات حول العنف الأسري يحضرها المهتمون بالظاهرة والممثلون لمختلف القطاعات من دور الرعاية النفسية والاجتماعية، ووزارات التربية والتعليم والصحة، والجمعيات الخيرية، يكون هـدف هذه الملتقيات إيجاد نوع من التواصل بين البحث الأكاديمي والواقع الميداني؛ تواصل يمكنها من توصيف فعال للظاهرة، وتقديم توصيات ملائمة لمعالجة الواقع، وتجنيب البحث العلمي المناقشات النظرية المغرقة في التجريد.

            - القيام ببحوث ميـدانية شاملة لأشـكال العنـف الأسـري، بدل التركيز - كما هو شأن أغلب الدراسات المتوفرة - على نوع واحد من أنواع العنف [ ص: 158 ] الأسري كضرب الزوجات والإساءة إلى الأطفال ومظاهر العنف لديهم، ذلك لأن دراسة نمط واحد من العنف الأسري لا يمكن أن يفيد في شرح وتفسير أشكال مختلفة من العنف الأسري. وضروري أن تقام هذه البحوث على عينات واسعة تمثل المجتمع بجميع شرائحه وفئاته، إذ أن أغلب نتائج البحوث المقدمة في العنف الأسري غير قابلة للتعميم، لأنها لا تعتبر حاسمة، لاعتمـادها عـلى عينات صغيرة وتقارير ذاتية في أغلب الأحيان مما يقدح في دقتها وموضوعيتها.

            - إقـامة مشاريع بحثية تتضـافر فيها جهود الباحثـين المتخصصين في مختلف العلوم، كعلم الاجتماع وعلم النفس والقانون والطب، حتى تمكن الإحاطة بالظاهرة من جميع جوانبها.

            4- على مستوى مؤسسات المجتمع المدني:

            - إنشاء مراكز ومشروعات وبرامج للإرشاد الأسري، تهتم بتأهيل الشباب والفتيات المقبلين على الزواج لبلوغ النضج الوجداني والعقلي والنفسي المطلوب، وتعليمهم المهارات الضرورية لإدارة حياة أسرية مستقرة مثل: مهارة الاتصال الفعال بين الزوجين، ومهارة التفاوض وحل المشاكل.

            - إعادة تأهيل وتوعية الأسر بأسـس العلاقات الأسرية الناجحة، وتدريبهم على المهارات النفسية والاجتماعية وأساليب ضبط النفس والتحكم في الانفعالات، ومهارات التفـاوض وإدارة النـزاع، ومهـارة الحوار [ ص: 159 ] والاستمـاع لاحتيـاجات الآخرين وتفهمها والتعبير عنها، وكل ما من شأنه مساعدة الأسر على تجاوز خلافاتها واستثـمار مشاكلها في توثيق الروابط بين أفرادهـا. ولا شك أن مثل هذه البرامج والمشروعـات ستسهم في صياغة وإنضاج صور ونماذج صحية للعلاقات الأسرية.

            - تنمية وتطوير الوعي التربوي على مستوى الأسرة، ويتم ذلك من خلال برمجة دورات علمية للآباء تساعدهم على حسن فهم نفسية أبنائهم، وتعلمهم أسس التربية المتوازنة، ومنهجية معالجة مشاكل الأبناء، وطرق اكتشاف مواهبهم وتنميتها.

            5- على المستوى الإعلامي:

            - تتبنى وسائل الإعلام المقروءة والمسمـوعة والمرئية مهمة التوعية الاجتماعية في موضوع العنف الأسري، ذلك أن وسائل الإعلام أصبحت من أهـم المؤسـسات التي تسهم في تربية النشء وصياغة القيم وغرسها في المجتمع، وهو ما يمكنها من المساهمة الفعالة في التعريف بظاهرة العنف الأسري وبيان خطورتها وسبل محاصرتها ومعالجة آثارها.

            - مواجهة القيم الثقافية الغربية التي تحاول صياغة مفهوم جديد للأسرة وأدوارها ووظائفها، وغرسها في المجتمعات العربية، هذا المفهوم الذي يحاول النظام الرأسمالي، مستفيدا من الثورة الإعلامية المعاصرة، تعميمه على العالم الإسلامي وتقديمه بديلا للقيم الإسلامية. [ ص: 160 ]

            التالي السابق


            الخدمات العلمية