الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            معلومات الكتاب

            ظاهرة التطرف والعنف (من مواجهة الآثار إلى معالجة الأسباب) [الجزء الأول]

            نخبة من الباحثين

            د- اعتبار حاجات الناس والرأفة بهم:

            جاء الإسلام رحمة للعالمين، يلبي حاجات الناس ما دامت لا تخالف الشرع.. ونعرض هنا أمثلة من السنة الشريفة.

            كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر الناس أن يؤدوا زكاة الفطر قبل أن يخرجوا إلى المصلى، وقال: "أغنوهم عن السؤال..." [1] .

            انظر كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في توجيهاته يراعي حاجات الناس ومتطلباتهم، ولا يخرج عنها... وهنا قدر حاجة الضعفاء بأمر المسلمين تأدية صدقة الفطر أول يوم العيد، حتى يتحقق الإغناء فلا يطوفوا في الأزقة والأسواق لطلب المعاش [2] .

            وعن جابر بن عبد الله الأنصاري، رضي الله عنه، قال: أقبل رجل بناضحين وقد جنح الليل فوافق معاذا يصلي فترك ناضحه وأقبل إلى معاذ، فقرأ بسورة البقرة أو النساء، فانطلق الرجل، وبلغه أن معاذا نال منه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا إليه معاذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا معاذ، أفتان أنت - أو أفاتن، ثلاث مرار- فلولا صليت بسبح اسم ربك، والشمس وضحاها، والليل إذا يغشى، فإنه يصلي وراءك الكبير والضعيف وذو الحاجة ) [3] . [ ص: 123 ]

            وفي رواية أخرى، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا صلى أحدكم للناس فليخفف، فإن منهم الضعيـف والسقيـم والكبـير، وإذا صلى أحـدكم لنفسه فليطول ما شاء ) [4] .

            فالرسول صلى الله عليه وسلم طلب الرأفة بأصحاب الحالات الخاصة، بالصغير والكبير والضعيف والسقيم وذي الحاجة... إنها رحمة الإسلام وسعته!

            واقرأ معي هذا الحديث تتضح لك واحدة من أسمى سمات الإسلام:

            عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قـال ‏ ( جـاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هـلكت يا رسـول الله، قال: وما أهلكك"؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان.. قال: هل تجد ما تعتق رقبة؟ قال: لا.. قال: فهل تستطيع أن تصـوم شهرين متتابعين"؟ قـال: لا.. قال: فهـل تجـد ما تطعم ستين مسكينا"؟.. قال: لا، قال: ثم جلـس فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر فقال: تصـدق بهذا".. قال: أفقر منا، فما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا.. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال: اذهب فأطعمه أهلك ) [5] . [ ص: 124 ]

            هذا الحديث وأمثاله يفتح لنا آفاقا واسعة للدعوة إلى الله عز وجل برحمة ولين ورفق، وما أحوج هذه الدعوة إلى مثل هذه المواقف.

            وعن أبي ذر الغفـاري، رضي الله عنه، قـال: ‏ ( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأراد المـؤذن أن يـؤذن للـظهر، فقـال النبي صلى الله عليه وسلم : أبرد".. ثم أراد أن يؤذن، فقال له: أبرد .. حتى رأينا فيء التلـول.. فقـال النبـي صلى الله عليه وسلم : إن شدة الحر من فيح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة ) [6] ، وهذا اتقاء للحر الشديد الذي يضر بالجسم.

            ( وعـن عمران بن حصين، رضي الله عنه، قال: كانت بي بواسـير فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، فقال: صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب ) [7] .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية