الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            خلاصة القول

            مما سبق يتبين أن العنف الأسري ظاهرة خطيرة مؤذنـة بخراب العمران، وأنها لم تظهر وتتجذر في مجتمعاتنا من فراغ، وإنما جاءت نتيجة ثقافة مشوهة تشربتها شرائح واسعة من مجتمعاتنا الإسلامية، وصيرتها جزءا من ثقافتها، وألبستها في بعـض الأحـيان لبوس التدين والحرص على الخير، كما أنها كانت نتيجة تربية أسرية تبنت العنف منهجا في التربية والتعليم، أضـف إلى ذلك تراكمات اجتماعية واقتصادية وسياسية ساهمت مجتمعة في تسريع انتشارها وجعـلها سيـدة الموقف في الهروب من المواجهة الحقيقية للمشكلة.

            وعليه، فإن علاج مشكلة العنف الأسري وتجاوز هذه الظاهرة، يجب أن يطال مفاهيم شعوبنا الإسلامية، بحيث تعتقد اعتقادا جازما أن العنف الأسري لا يحل المشكلة وإنما يزيد في تعقيدها، وأن الشديد كما قال صلى الله عليه وسلم ليس بالصرعة ولكن الذي يملك نفسه عند الغضب: ( ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) [1] ، فتأديب [ ص: 161 ] الزوجـة والأولاد إن تجاوز الهدي النبوي كان ضعفا في نظر الإسلام، وصار ظلما واعتداء على الآخرين، لا يجنى من ورائه إلا تعقيد للعلاقة، وإيذان بخرابها.

            وبما أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، فإنه يتوجب على الدولة ممثلة بمؤسساتها الرسمية أن تسن قوانين وقائية تضمن عدم تفشي الظاهرة، وقوانين رادعة للمتمادين في هذه الجريمة، لأنها إن لم تفعل هلكت الأسرة، وهلكت معها الدولة؛ والمجتمع المدني مسـؤول مسؤولية مشتركة مع الدولة في القيام بحملات توعية وترشيد أسري للحد من انتشار الظاهرة.

            فإذا اجتمع وعي فردي بخطـورة المشـكلة، مشكلة العنف، ووعي رسمي بضرورة سن تدابير وقـائية وعلاجية، ووعي مؤسسات المجتمع المدني بالمسـاهمة في الحـد من انـتـشار هـذه المشـكلة، سـارت أمور مجتمعـاتنا إلى ما يحقق لها الأمن والأمـان والرفاهـية، وكانت نموذجـا يحتـذى به في قوة الترابط الأسري والأمان الاجتماعي.

            والله الهادي إلى سواء السبيل. [ ص: 162 ]

            التالي السابق


            الخدمات العلمية