الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            معلومات الكتاب

            ظاهرة التطرف والعنف (من مواجهة الآثار إلى معالجة الأسباب) [الجزء الأول]

            نخبة من الباحثين

            البعد السياسي للعنف

            الدكتور عثمان أبو زيد عثمان [1]

            تقديم:

            يقال عن النظرية النسبية لآينشتين: إن الشيء الوحيد الذي يجعلها صعبة الفهم هو سهولتها!

            عندما ننظر إلى مشكلة العنف تبدو سهلة ممتنعة. تبدو سهلة من حيث دلالتها اللغوية، صعبة عند التفكير في الدوافع المؤدية إليها، وممتنعة عندما نريد التوقي منها وإبصار سبل العلاج والحلول.

            ومشكلة مثل هذه لا يكون حلها بصيغة (الأطروحة)، أو كتابة وصفة علاجية، لأن التعامل الفعلي معها يكون في الميدان، حيث الحقائق الصلبة، التي ينبغي مواجهتها بعمل سياسي ودبلوماسي دؤوب عن طريق الاتصال والحوار والتفاوض والتحكيم.

            ومن نافلـة القـول: إن عمليات بناء السـلام تمر عادة عبر طريق طـويل، لتهيئة المناخ السياسي، ووضع المبادئ العامة وتحرير مواضع [ ص: 73 ] الاختـلاف، والتفاوض الشاق للتوصل إلى اتفاقيات ومصالحـات، ثم تبدأ بعد ذلك جهود حفظ السلام وتعزيزه، وتحتاج هي أيضا إلى إرادة سياسية وعمل شاق.

            ولأن العنف والعنف المضاد ينشآن في بيئة من الوعي الزائف والإدراك المشوه، فلا بد من تصحيح هذه البيئة، وتعديل الخطـاب السـياسي والإعـلامي المتأزم، وما يتبادله طرفا الصراع من كيد واتهامات.

            حين ننظر من بعد واحد إلى ظاهرة مركبة متعددة الصور والمسـتويات، لابد من استصـحاب الأبعاد الأخرى حـتى تكون النظرة شاملة. وتناولنا "البعد السياسي" لا ينتهي عند موضوع الحرية أو الشرعية، بل يستوعب مجمل جوانب بناء المجتمع بوصفه مشروعا متكاملا. وتظل التنمية السياسية والتوازن الاجتماعي، ذات قضايا متشعبة الأبعاد، منها ما هي ذات صلة بالاحتلال الخارجي، ومنها الأزمات الداخلية من غياب الحريات، وانسداد آفاق المشـاركة السياسية، وعدم الاعتراف المتبادل، وتعطيل آلية الحوار، وانعدام تكافؤ الفرص.

            إن العنف السياسي هو جوهر الأزمة الحاضرة في غالب مجتمعات العالم الإسلامي، ويكاد أن يكون قرين العمل السياسي في كثير من الدول الإسلامية، مع اختلاف في التفاصيل ما بين دولة وأخرى، ولا شك أننا بحاجة ماسة إلى دراسة هذه المشكلات المعاصرة وفهم أبعادها جميعا. [ ص: 74 ]

            التالي السابق


            الخدمات العلمية