فصل : وأما الفصل الثاني من فصلي المسألة : وهو أن فهذا على ضربين : يخيط المجروح جرحه فيموت
أحدهما : أن يخاط في لحم ميت فلا تأثير لهذه الخياطة : لأنها في اللحم الميت لا تؤلم ، ولا تسري ، فيصير الجارح منفردا بقتله بسراية جرحه فوجب عليه القصاص في النفس ، فإن عفا عنه فجميع الدية مغلظة حالة في ماله ، وعليه الكفارة .
والضرب الثاني : أن فالخياطة جرح ، والذي عليه جمهور أصحابنا : أنه يجري عليه حكم العمد المحض وعندي أنه يجري عليه حكم عمد الخطأ : لأنه قصد به حفظ الحياة فأفضى به إلى التلف ، فصار عمدا في الفعل ، خطأ في القصد . يخيط في لحم حي
فإن قيل : فبهذا فالجارح قد صار قاتلا شريكا لعمد الخطأ ، فسقط عنه القود ، وتجب عليه نصف الدية حالة مغلظة مع الكفارة ، وإن قيل بما عليه الجمهور أن الخياطة عمد محض روعي من : تولى الخياطة أو إبرتها فإنه لا يخلو من أحد أربعة أقسام
أحدها : أن يكون المجروح تولاها أو أمر بها .
والثاني : أن يكون أبو المجروح تولاها .
والثالث : أن يكون الإمام تولاها أو أمر بها .
والرابع : أن يكون أجنبي تولاها أو أمر بها .
فأما القسم الأول : وهو أن يتولاها المجروح ، ففي وجوب القود على الجارح قولان :
أحدهما : عليه القود في النفس ، إذا اعتبر في القود خروج النفس عن عمد محض .
والقول الثاني : لا قود عليه إذا اعتبر فيه خروج النفس عن عمد مضمون : لأن عمد المجروح غير مضمون ، وكذلك الحكم لو تولاها من أمره الجارح بها ، ولا يكون [ ص: 51 ] المأمور ضامنا : لأنه فعله عن أمر من يملك التصرف في نفسه .