الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقررت هذه المقدمات الخمس اشتمل مسطور المسألة على خمسة فصول :

                                                                                                                                            أحدها : رجل جنى على خنثى مشكل .

                                                                                                                                            والثاني : امرأة جنت على خنثى مشكل .

                                                                                                                                            والثالث : خنثى مشكل جنى على رجل .

                                                                                                                                            والرابع : خنثى مشكل جنى على امرأة .

                                                                                                                                            والخامس : خنثى مشكل جنى على خنثى مشكل .

                                                                                                                                            فأما الفصل الأول : وهو المسطور إذا قطع رجل ذكر خنثى مشكل وأنثييه وشفريه ، وطالب بعد الاندمال بحقه من القود والدية ، لم يجز أن يحكم له مع بقاء الإشكال بالقود حتى يبين أمره ، فإن بان رجلا وجب له القود في ذكره وأنثييه : لأنهما من أصل الخلقة فأقيد بما كافأهما ، وأعطي حكومة في الشفرين ، لأنهما زائدان على [ ص: 91 ] الخلقة ، فإن عفا عن القود أعطي ديتي رجل إحداهما في الذكر ، والأخرى في الأنثيين ، وحكومة في الشفرين .

                                                                                                                                            وإن بان الخنثى امرأة فلا قود على الرجل الجاني في ذكره ولا في أنثييه ، لأنهما زائدان في خلقة المرأة ، وأعطيت دية امرأة في الشفرين ، وحكومة في الذكر والأنثيين .

                                                                                                                                            وإن بقي الخنثى على إشكاله ، ولم يتعجل بيانه ، وطالب بحقه ، نظر ، فإن عفا عن القود أعطي أقل حقيه وهو أن يجري على حكم المرأة فيعطى دية في الشفرين ، وحكومة في الذكر والأنثيين ، فإن بان امرأة فقد استوفت حقها ، وإن بان رجلا كمل له ديتا رجل في الذكر والأنثيين ، وحكومة في الشفرين .

                                                                                                                                            فإن تعجل الطلب ولم يعف عن القود كان القود موقوفا على زوال الإشكال ، واختلف أصحابنا في إعطاء المال على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما ، وهو قول أبي علي بن أبي هريرة : لا يعطى المال ، ويكون موقوفا على زوال الإشكال ، كما وقف القود ، لأن في إعطاء المال سقوط القود ، وهو يطالب بالقود فسقطت المطالبة بالمال .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو قول جمهور أصحابنا أنه يعطى من المال أقل ما يستحقه مع القود ، لأنه يستحق القود في عضو ، ويستحق المال في غيره فلم يكن في إعطائه عفو عن القود ، والذي يعطاه من المال حكومة في الشفرين كوقوف القود في الذكر والأنثيين ، إذا بان رجلا .

                                                                                                                                            وقال أبو حامد المروزي في " جامعه " : يعطى دية الشفرين وهذا خطأ : لأن الذي يعطاه مالا يسترجع منه إن أقيد ، وقد تبين رجلا فيقاد من ذكره وأنثييه ، ويستحق الحكومة في شفريه ، ولو أعطاه الدية لا يسترجع منها ما زاد على الحكومة ، فلذلك اقتص به على قدر الحكومة ، وروعي ما سبق من أمره فإن بان رجلا أقيد من ذكره وأنثييه ، وقد استوفى حكومة شفريه ، وإن بان امرأة سقط القود وكمل لها دية الشفرين ، وحكومة في الذكر والأنثيين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية