الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : وفي لسان الأخرس حكومة .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وإنما لم يجب في لسان الأخرس الدية ، لأنه قد سلب الكلام الذي هو الأخص الأغلب من منافع اللسان وإن بقي بالخرس بعض منافعه وهو الذوق وتصرفه في مضغ الطعام فلم تبلغ ديته دية لسان كامل المنافع .

                                                                                                                                            فإن قيل : فمثله لسان الصبي فهلا كان فيه أيضا حكومة ؟

                                                                                                                                            قيل : لأن لسان الصبي سليم الكلام ، وإن لم يظهر في زمانه ، وهذا معدوم الكلام ، لأنه مفقود في زمانه فافترقا ، فلو كان اللسان مسلوب الذوق لا يحس به طعوم المأكولات والمشروبات وهو ناطق سليم الكلام لم تكمل فيه الدية ، وكان فيه حكومة كالأخرس ، وإن لم يذكره الشافعي بناء على ما قدمناه في الجناية عليه إذا أذهبت بذوقه أن فيه الدية ، وحكومة المسلوب الذوق أقل من حكومة المسلوب الكلام ، لأن نقص الكلام أظهر ، والحاجة إليه أدعى ، ولو ابتدأ بالجناية على لسان ناطق فأخرسه ، وضمن بالخرس ديته ، ثم عاد هو فقطع لسانه لزمه حكومة ، لأنه قطع بعد الجناية الأولى لسان [ ص: 269 ] أخرس ، كما لو أشل يده بجناية ثم قطعها بعد الشلل لزمته دية في الشلل وحكومة في القطع بعده .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية