الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : وإن قضى بها فأيسر الفقير قبل أن يحل نجم منها أو افتقر غني فإنما أنظر إلى الموسر يوم يحل نجم منها .

                                                                                                                                            قال الماوردي : اعلم أن ما يستحق بالحول ينقسم ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : ما كان الحول فيه مضروبا للوجوب وهو حول الزكاة .

                                                                                                                                            والثاني : ما كان الحول فيه مضروبا للأداء مع تقدم الوجوب وهو حول العاقلة .

                                                                                                                                            والثالث : ما اختلف فيه هل هو مضروب للوجوب أو للأداء على وجهين ، وهو حول الجزية .

                                                                                                                                            فإذا تقرر هذا فالفقر والغنى في العاقلة معتبر عند انقضاء الحول وقت الأداء ولا يعتبر في أوله وقت الوجوب ، فإن قيل : فالاعتبار بوقت وجوبه أولى من الاعتبار بوقت أدائه كالجزية .

                                                                                                                                            قيل : لأن الجزية معينة فاعتبر بها وقت وجوبها ، والدية تجب بالقتل على الإطلاق ولا يتعين إلا عند الاستحقاق ، ألا ترى لو مات أحد العاقلة قبل الحول لم تؤخذ من تركته ، ولو تعين استحقاقها لأخذت ، فإذا تقرر اعتبار الغنى والفقر عند حلول الحول فمن كان منهم عند الحلول غنيا وجبت عليه ، وإن كان فقيرا في أوله ، ومن كان منهم عند الحول فقيرا لم تجب عليه وإن كان غنيا في أوله ، فلو حال الحول [ ص: 352 ] على غنى فلم يؤدها حتى افتقر كانت دينا عليه ، ولم تسقط عنه بفقره ، لأنها تعينت عليه وقت غناه ، وينظر بها إلى ميسرته ، ولو حال الحول على فقير فلم يستوف حتى استغنى لم يجب عليه بغناه ، لأنه تعين سقوطها عنه وقت فقره .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية