الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ولو حفر في صحراء أو طريق واسع محتمل فمات به إنسان .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وتفصيل هذا أنه إذا حفر بئرا لم يخل حاله في حفرها من أحد أربعة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يحفرها في ملكه .

                                                                                                                                            والثاني : أن يحفرها في ملك غيره .

                                                                                                                                            والثالث : أن يحفرها في الموات .

                                                                                                                                            [ ص: 373 ] والرابع : أن يحفرها في طريق سابل .

                                                                                                                                            فأما القسم الأول وهو أن يحفرها في ملكه فهو مباح ، ولا ضمان عليه فيما سقط فيها من بهيمة ، أو إنسان ، بصير أو ضرير سواء كان الدخول بأمر أو غير أمر إذا كانت ظاهرة ، ولكن لو حفر بئرا في ممر داره وغطاها عن الأبصار ودخل إليها من سقط فيها فمات فلا يخلو حال الداخل من ثلاثة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن يدخلها بغير أمر فهو متعد بالدخول ونفسه هدر .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن يكرهه الحافر على الدخول ، فيضمن ديته لتعديه بإكراهه على الدخول .

                                                                                                                                            والحال الثالثة : أن يدخلها مختارا بإذن الحافر ، فإن أعلمه بها فلا ضمان عليه ، وإن لم يعلمه بها وهو بصير ولها آثار تدل عليها فلا ضمان عليه ، وإن لم تكن لها آثار أو كان لها آثار والداخل أعمى ففي وجوب الضمان قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو الأظهر ، المنصوص عليه أنه لا ضمان عليه ، وتكون نفس الواقع فيها هدرا ، لأنه دخل باختيار والحفر مباح .

                                                                                                                                            والقول الثاني : يضمن الحافر دية الواقع تخريجا من أحد قوليه في من سم طعاما وأذن في أكله .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية