مسألة : قال الشافعي : ( قال ولو مات مرتدا كان لوليه المسلم أن يقتص بالجرح المزني ) القياس عندي على أصل قوله أن لا ولاية لمسلم على مرتد كما لا وراثة له منه وكما أن ماله للمسلمين فكذلك الولي في القصاص من جرحه ولي المسلمين .
[ ص: 57 ] قال الماوردي : وصورتها : في مسلم جرح مسلما ثم ارتد المجروح ومات على ردته ، فلا يجب في النفس قود ، ولا دية ، لأن تلفها كان بجناية في الإسلام ، وسراية في الردة ، والردة يسقط حكم ما حدث فيها من السراية فسقط بها ما زاد على الجناية ، ولم يبق إلا الجناية ، وليست على النفس فسقط حكم النفس .
فأما الجناية الواقعة في الإسلام على ما دون النفس من جرح أو طرف ، فالمنصوص عليه من مذهب الشافعي هاهنا وفي كتاب " الأم " أنها مضمونة بالقصاص والأرش ، وهو الصحيح الذي كان عليه جمهور أصحابنا لحدوثها في الإسلام الموجب لضمانها ، وتكون الردة مختصة بسقوط ما حدث من السراية فيها .
وقال أبو العباس بن سريج : يسقط القصاص ويجب الأرش . لأن الجرح إذا صار نفسا دخل في حكمها ، وصار تبعا لها . فإذا سقط القود في النفس المتبوعة سقط في الجرح التابع .
وحكى أبو حامد الإسفراييني عن بعض أصحابنا وجها ثالثا : أنه يسقط حكم الجناية في القصاص والأرش جميعا ، لأنها لما صارت نفسا دخلت في حكمها ، وقد سقط حكم النفس فسقط حكم ما دونها .
وكلا المذهبين فاسد ، وما نص عليه الشافعي أصح : لأن الجناية أصل ، والسراية فرع ، فلم يسقط حكم الأصل بسقوط فرعه ، وإن سقط حكم الفرع بسقوط أصله ، ألا ترى أنه لو جنى عليه في الردة وسرت في الإسلام سقط حكم السراية لسقوط حكم الجناية ، وكذلك إذا جنى عليه في الإسلام وسرت في الردة ثبت حكم الجناية ، وإن سقط حكم السراية .