فصل : فإذا تقرر ما ذكرنا من القولين ، فإن قيل بالأول إنه فقتل الوكيل للجاني يكون قودا ويكون عفو الموكل باطلا . واختلف أصحابنا على هذا القول في لا ضمان على الوكيل من قود ولا عقل : على وجهين : الوكيل هل تلزمه الكفارة أم لا
أحدهما : لا كفارة عليه ، لأنه قد أجرى على قتله حكم استيفائه قودا .
والوجه الثاني : عليه الكفارة كمن رمى دار الحرب فقتل مسلما ضمنه وكفر عنه .
وإن قيل بالقول الثاني إن الوكيل ضامن للدية ، فعفو الموكل صحيح وحقه في الدية إذا استوجبها على ما مضى من التفصيل مستحق على الجاني قاتل أبيه يرجع بها في ماله ولا يرجع بها على وكيله ، ويرجع أولياء القاتل المقتول بديته على الوكيل ، وهل تكون حالة في مال الوكيل أو مؤجلة على عاقلته ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق : تكون حالة في ماله مع الكفارة ، لأنه عامد في فعله وإنما سقط القود فيه بشبهته .
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة تكون مؤجلة على عاقلته والكفارة في ماله ، لأنه قتله معتقدا لاستباحة قتله فصادف الحظر : فصار خاطئا فإذا أغرم الوكيل الدية ففي رجوعه على موكله بها قولان ، كالزوج المغرور إذا أغرم مهر المثل بالغرور هل يرجع به على الغارم أم لا ؟ على قولين ، لأن الموكل قد صار بعفوه غارا [ ص: 115 ] للوكيل حين لم يعلمه بعفوه ، وسواء كان هذا الوكيل مستعملا أو متطوعا ، وهكذا الحكم في الأطراف إذا اقتص منها الوكيل بعد العفو .