الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما أبو حنيفة فاستدل على أن شريك الأب لا يقتل بأنه شارك من لم يجب عليه القود ، فوجب أن يسقط عنه القود كشريك الخاطئ ، ولأن مشاركة الأب كمشاركة المقتول ثم ثبت أن المقتول لو شارك قاتله لسقط عنه القود ، كذلك الأب إذا شارك الأجنبي وجب أن يسقط عنه القود .

                                                                                                                                            والدليل على أن شريك الأب يقتل عموم قوله تعالى ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا [ الإسراء : 33 ] ولأنها نفس مضمونة خرجت بعمد محض ، فلم يكن سقوط القود عن أحد القاتلين موجبا لسقوطه عن الآخر ، كالعفو عن أحدهما لا يوجب سقوط القود عنهما ، ولأنه لما لم يتغير حكم الأب بمشاركة الأجنبي في وجوب القود عليه لم يتغير حكم الأجنبي بمشاركة الأب في سقوط القود عنه .

                                                                                                                                            فأما الجواب عن قياسه على الخاطئ فهو أن سقوطه عن الخاطئ لمعنى في فعله ، وقد امتزج الفعلان في السراية فلم يتميزا ، وسقوطه عن الأب لمعنى في نفسه وقد تميز القاتلان فلم يستويا ، وجمعه بين شركة الأب وشركة المقتول ففيه قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن شريك المقتول يقتل ، فعلى هذا يسقط الاستدلال .

                                                                                                                                            [ ص: 130 ] والقول الثاني : وهو الأصح لا يقتل ، وإن قتل شريك الأب ، لأن شركة المقتول إبراء وليست شركة الأب إبراء .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية