الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : نبدأ بما بدأ به المزني من حرقه بالنار ، فيكون الولي بالخيار بين أن يعدل عن حرقه بالنار إلى قتله بالسيف ، فله ذاك : لأنه أوجى وأسل ، فيضرب عنقه ، ولا يعدل عنه ، فإن عدل عن العنق إلى غيره من جسده أساء وعزر ، وقد استوفى قصاصه ، وإن أراد أن يقتص منه بإحراقه بالنار كان له ، وروعي ما فعله الجاني من إحراقه فإنه على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون قد ألقى عليه نارا ، فيكون الولي بالخيار بين أن يلقي عليه النار حتى يموت وبين إلقائه في النار ، لأنه أوجى .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون قد ألقاه في النار ، فلوليه أن يلقيه في النار ، وليس له أن يلقي عليه النار ، لأنه أغلظ عذابا ، وإذا ألقاه في النار كان له أن يلقيه في مثلها وما هو أكثر منها ، وليس له أن يلقيه فيما هو أقل منها ، لأنه أغلظ عذابا ، كما لو قتله بسيف ، كان له أن يقتله بمثله وما هو أمضى ، وليس له أن يقتله بما هو أقل ، ويخرج من النار إذا مات قبل أن يشوى جلده ، ليمكن غسله وتكفينه ، ولا تماثل بالمحرق إن أكلته النار لما علينا من استيفاء جسده في حقوق الله تعالى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية