مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ويتغفل ويصاب به فإن أجاب عرف أنه يسمع ولم يقبل منه قوله ، وإن لم يجب عند غفلاته ولم يفزع إذا صيح به حلف لقد ذهب سمعه وأخذ الدية . وفي السمع الدية
قال الماوردي : إذا جنى عليه فأذهب سمعه إما بفعل باشر به جسده أو بإحداث صوت هائل خرق العادة حتى ذهب به السمع ، وإن لم تكن معه مباشرة فالدية في الحالين واجبة لأن الصوت الهائل وإن لم تكن معه مباشرة قد يؤثر في ذهاب السمع ما تؤثره المباشرة .
والدليل على وجوب الدية الكاملة في ذهاب السمع رواية معاذ بن جبل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : وفي السمع الدية .
وروي أن رجلا رمى رأس رجل بحجر في زمان عمر فأذهب سمعه وعقله ولسانه وذكره ، فقضى عليه عمر بأربع ديات ، ولأن السمع من أشرف الحواس فأشبه حاسة البصر ، واختلف في أيهما أفضل : فقال قوم : حاسة البصر أفضل : لأن به تدرك الأعمال ، وقال آخرون : حاسة السمع أفضل ، لأن به يدرك الفهم ، وقد ذكرهما الله تعالى في كتابه فقرنه بذهاب البصر ، لأن بذهاب البصر فقد النظر وبذهاب السمع فقد العقل ، فقال تعالى في البصر : ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون [ يونس : 43 ] وقال في السمع : ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون [ يونس : 42 ] .