فصل : وأما فعلى ضربين : الجناية التي يزول بها العقل
أحدهما : أن تكون عن مباشرة .
والثاني : عن غير مباشرة .
[ ص: 248 ] فأما ما كان عن مباشرة فكضربة سيف أو رمية بحجر أو قرعة بعصا ، إما على رأسه أو ما قرب من قلبه ، فإذا ذهب بها العقل كان عن جنايته ، سواء أثر ذلك في جسده أو لم يؤثر ، وكذلك لو لطمه بيده ، أو ركله برجله حتى أزعجه بركلته أو لطمته التي يقول علماء الطب : إن مثلها يذهب العقل كان ذاهبا عن جنايته ومأخوذا بديته ، وأما ما كان عن غير مباشرة فكالإشارة إليه بسيف أو تقريب سبع أو إدناء أفعى فيذعر منه فيزول عقله به فيعتبر حاله فإن كان طفلا أو مضعوفا مذعورا فذلك مزيل لعقل مثله فيؤخذ بديته أو إن كان قوي النفس ثابت الجأش فعقل مثله لا يزول بهذا التفزيع فلا دية فيه ، وهكذا إن زعق عليه بصوت مهول فزال عقله كان معتبرا بحاله في قوة جأشه أو ذعره ، فلا تلزمه الدية في ذي الجأش وتلزمه في المذعور ، فأما إن أخبره مصيبة حزن لها فزال عقله أو أخبره بمسرة فرح بها فزال عقله لحدوث زواله عن فرح وحزن أحدثه الله تعالى فيه .