الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت ما ذكرنا من حكم الإفضاء فلا يخلو من أن يكون بوطء أو بغير وطء ، فإن كان بغير وطء وهو نادر لم يخل من أن يندمل أو لا يندمل ، فإن اندمل ففيه حكومة ، وإن لم يندمل ففيه الدية ، فإن اقترن به استرسال البول ففيه مع الدية حكومة ، فإن اقترن بالإفضاء ذهاب العذرة من البكر وجب فيه مع دية الإفضاء حكومة العذرة على غير الزوج ولم يجب فيه على الزوج حكومة ، لأنه مستحق لإزالتها باستمتاعه فاستوى الزوج وغيره في دية الإفضاء وحكومة استرسال البول ، ولم يكن لهذا الإفضاء تأثير في وجوب المهر على الأجنبي ، ولا في كماله على الزوج ، لخلوه من وطء وإن [ ص: 295 ] كان هذا الإفضاء بوطء وهو الأغلب لم يخل حاله من ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكون من زوج في نكاح .

                                                                                                                                            والثاني : أن يكون من وطء شبهة .

                                                                                                                                            والثالث : أن يكون من زنا .

                                                                                                                                            فأما القسم الأول وهو أن يكون من زوج في عقد نكاح فعليه دية الإفضاء وكمال المهر ، وقال أبو حنيفة : إفضاؤها غير مضمون على الزوج ، وليس عليه أكثر المهر ، استدلالا بأن ما استبيح من الوطء لم يضمن به ما حدث من استهلاك كزوال العذرة ، ولأن الفعل المباح لا تضمن سرايته كالقطع في السرقة .

                                                                                                                                            ودليلنا : هو أنها جناية قد يتجرد الوطء عنها فلم يدخل أرشها في حكمه كالوطء بشبهة لا يسقط بالمهر فيه دية الإفضاء ، ولأنهما حقان مختلفان وجبا بسببين مختلفين ، لأنه مهر مستحق بالتقاء الختانين ودية مستحقة بالإفضاء فجاز اجتماعهما كالجزاء والقيمة في قتل العبد المملوك ، ولأن الجنايات إذا ضمنها غير الزوج ضمنها الزوج كقطع الأعضاء ، ولا يدخل عليه العذرة ، لأنها من الزوج مستحقة ، وبهذا فرقنا بينهما ، وأما استدلاله بحدوث سرايته عن فعل مباح فليس ما أدى إلى الإفضاء مباحا ، وجرى مجرى ضرب الزوجة يستباح منه ما لم يؤد إلى التلف ولا يستباح ما أدى إليه ، وهو يضمن في الضرب ما أدى إلى التلف فوجب أن يضمن بالوطء ما أدى إلى الإفضاء .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية